وبعد الانجيل ألقى عظة تحدث فيها عن معاني المناسبة وقال: "إنجيل اليوم يدعونا أن نكون مثل حبّة الحنطة، التي إن لم تنزل إلى الأرض وتمُت يأكلها الطير وتفنى. أما إذا دُفنت في الأرض بارتطاب، فإنها تعطي ثلاثين وستين ومئة. وهكذا يدعونا يسوع أن نموت عن ذواتنا أوّلًا، عن أنانيتنا، عن خطايانا، ونقول: "يا رب، ماذا تريد منا؟ كثيرًا ما ندخل الكنيسة وكأنّها واجب، لا لنقول: "يا رب، اكشف لنا مشيئتك". بينما آباؤنا وأجدادنا كانوا يدخلون الكنيسة ليطلبوا من الله أن يُظهر لهم مشيئته."
وأضاف: "واليوم، في عيد ارتفاع الصليب، لا نحتفل بالحزن بل بالمجد الذي أعطانا إيّاه
الرب يسوع. فالموت عن الشهوات، عن حبّ المال، عن الأنانيّة، عن الحقد، وعن سوء الظنّ بالناس، هو طريقنا إلى المجد. انظروا كيف صار العالم اليوم: حروب، دموع، أيتام، وأمهات ثكالى من
أوكرانيا إلى
فلسطين ، فيما الإنسانية جسد واحد: إن تألّم عضو تألّم معه الجسد كله".
وتابع:"الصليب ليس خشبًا أو حديدًا فقط، بل هو منطق الحب، منطق الإصغاء للآخر، ومنطق المشاركة معه والحوار بلا حقد. فإن كان لك شيء على أخيك، فاذهب إليه وقل له، ولا تترك قلبك للحقد. لنتذكّر الابن الضال الذي قال: «أقوم وأمضي». فكل واحد منا مدعوّ أن يقوم ويمضي كل يوم عندما يقرأ الإنجيل أو حياة القديسين. لا راحة للإنسان البعيد عن الله، كما حدث مع الغني الذي استراح في حياته الأرضية، لكنّه تعذّب بعد موته لأنه نسي الفقير لعازر. فالاختيار بأيدينا: إمّا أن نحيا للآخرين فنفرح معهم هناك، أو نحيا لأنفسنا فنتعذّب.
وختم: "الصليب، كما يقول أجدادنا في الترتيلة: «صليبك جسراً يكون لنا»، هو
الجسر إلى الحياة الأبدية، هو منطق الحب: «ما من حبّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه». الله لا يطلب منا الكثير، بل يطلب قلوبنا. لذلك، فلنجعل منطق الصليب، منطق الحب، ينتصر في حياتنا، في أقوالنا، في قراراتنا، وفي نظراتنا بعضنا إلى بعض. وهكذا نكون على مثال قدّيسينا، وخصوصًا الذين نكرّمهم في هذه الكنيسة: الطوباوي البطريرك إسطفان الدويهي، وخادم الله يوسف بك كرم. فلنحيا على مثالهم، على منطق الصليب ومنطق الحب".