ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف مفوّضاً من البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي ، قداساً احتفالياً في كنيسة القديس شربل في دير مار مارون عنايا، منح خلاله الأبوين في الرهبانية اللبنانية المارونية سمعان عبود وكليم التوني رتبة الأباتية، وعاونه فيه امين سر الرهبانية الاب طوني عيد، رئيس دير مار مارون عنايا الاب ميلاد طربية والأبوان المكرمان.
العظة
في بداية القداس تلا الاب شربل دميان السيرة الذاتية للمكرمين، وبعد الانجيل المقدس القى سويف عظة نقل في مستهلها تمنيات البطريرك
الراعي للأبوَين الجديدَين، وللرهبانية اللبنانية بشخص رئيسها العام "بكل الخير والتوفيق، كي تبقى هذه الرهبانية منارة لا للبنان وحسب، بل للمنطقة والعالم، شهادة للقدوس يسوع المسيح، ولنعمه الكبيرة التي يعمل بها في العالم عبر مسيرة الرهبانية وتاريخها المقدّس، من أجل تثبيت الإيمان في قلوب الناس"، موجها التحية لراعي أبرشية جبيل المارونية المطران
ميشال عون .
وقال: "الفرح كبير إذ نلتقي حول ضريح مار شربل لنشكر الرب على نعمه وعطاياه، وعلى رتبة الأباتية المقدّسة التي هي نعمة من الرب ويسرّني ويشرّفني أنّ صاحب الغبطة البطريرك الكردينال مار
بشارة بطرس الراعي أوكل إليّ أن أمنح هذه الرتبة لأبوَين فاضلَين هما الأب سمعان عبود والأب كليم التوني ، ونحن اليوم في مناسبة مباركة نحتفل فيها برتبة الأباتية، وهذه الرتبة هي أولًا شكر للرب على نعمة الحياة الرهبانية. فعندما نقول "أباتي" أو "رهبان" أو "دير"، نتذكّر أنّ الحياة الرهبانية هي نعمة من الرب، وعلينا أن نشكره عليها".
أضاف: "الحياة الرهبانية هي موهبة، دعوة ونداء من الله في عالم مادّي محسوس، لتقودنا نحو العالم غير المنظور، نحو الحياة الروحية، نحو ملكوت الله الذي أعلنه المسيح بموتِه وقيامته ، إنها تذوّق مسبق للحياة الأبدية التي يحدّثنا عنها الإنجيل: "الحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته" فالرهبان والراهبات يقدّمون للعالم علامة حيّة بأن الحياة مع المسيح ليست حياة عادية، بل حياة جديدة أبدية مبنيّة على حبّ الله".
وأشار إلى أنّ "الحياة الرهبانية تقوم على ركيزتين ذهبيتين: الصلاة والعمل – Ora et Labora – وهما اللتان يكمّلان بعضهما ويعيدان الإنسان دومًا إلى يسوع ، حياة مبنية على حبّ الآب من خلال الابن يسوع المسيح، حبّ يتجلّى بالصليب ، علاقة حب مع الله، وعلاقة حب مع الإنسان".
وقال: "الحياة الرهبانية هي شهادة يومية للحياة الأبدية، و"موت يومي" عن الذات لكي تعطي ثمارًا كثيرة ثمار المحبة، الغفران، السلام، والأخوّة التي يحتاج إليها عالمنا اليوم أكثر من أي وقت مضى ، فالرتبة الأباتية التي نحتفل بها اليوم هي مسؤولية كبرى، الأباتي هو وكيل الله في الجماعة، لا يسعى لمجده الشخصي، بل يضع كل طاقاته في خدمة الرهبان والكنيسة وشعب الله".
وأردف: "سمعان وكليم، اللذان نالا هذه النعمة، هما صاحبا استعداد عميق لخدمة الرب ، وقد عرفتُهما عن قرب، وأعرف محبتهما وأمانتهما، هذه الرتبة ليست امتيازًا بل دعوة إلى التواضع، الخدمة، المحبة، والالتزام بكلمة الله ، فيسوع سأل بطرس ثلاث مرات: "أتحبني؟" وأوصاه: "ارعَ حملاني، ارعَ نعاجي، ارعَ خرافي". واليوم يوجّه يسوع السؤال نفسه للأباتيين الجديدين: "أتحباني أكثر من هؤلاء؟" والجواب لا يكون بالكلام بل بالعيش اليومي المملوء محبة وبذلاً. الحياة الرهبانية هي مسيرة تبعية ليسوع حتى الجلجلة، مرورًا بالصليب والقبر، وصولًا إلى القيامة والحياة الجديدة، لكي يؤمن العالم ، من هنا، رتبة الأباتية هي نعمة إلهية تُمنح لا لاعتبارات بشرية باطلة، بل للخدمة والتعليم وتمجيد الله".
وختم: "أرفع الصلاة مع الأباتيين الجديدين، ومع الرهبان والكهنة، ومع هذا الجمع المبارك، كي يثبّتهما الرب بنعمته، ويمنحهما القوة ليواصلا رسالتهما بفرح وتواضع، في خدمة الكنيسة والرهبانية اللبنانية، بشفاعة العذراء مريم، مار شربل، قديسي الرهبانية، وقديسي
لبنان فتكون حياتهما تسبيحًا وشكرًا ودعوةً حيّة إلى الإيمان والحياة الجديدة التي منحنا إيّاها الرب بقيامته له المجد الى الأبد".
بعد ذلك أقيمت رتبة منح الأباتية. وفي ختام القداس تهاني من الحاضرين وكوكتيل بالمناسبة.