في المرحلة الراهنة، تتقدّم
القوات اللبنانية لتلعب دور رأس الحربة في الصراع السياسي مع "
حزب الله "، معتبرة أنّ هذا التموضع يمنحها موقعًا متقدمًا على الساحة
اللبنانية . فالقوات تسعى أولًا إلى شدّ العصب المسيحي، إدراكًا منها أنّ السيطرة على المزاج الشعبي المسيحي يمكّنها من تسجيل إنجاز انتخابي غير مسبوق، وهو ما سيجعلها المرجعية الأولى في الشارع المسيحي، وقوة سياسية لا يمكن تجاوزها في أي تسوية داخلية. هذه المقاربة، تهدف إلى وضع القوات في موقع الممثل الأبرز للمسيحيين في لحظة سياسية بالغة الدقة.
في المقابل، لا تنحصر استراتيجية القوات بالداخل اللبناني فقط، بل تمتد إلى الخارج عبر بناء شبكة علاقات مع دول إقليمية ودولية ترى في إضعاف حزب الله هدفًا أساسيًا لسياساتها.
وتعتبر هذه الدول أنّ القوات هي القوة الاساسية القادرة على خوض هذه المواجهة، مقابل أطراف أخرى
مسيحية أو معارضة غير راغبة في اعتماد نهج صدامي مع "الحزب" وبيئته ،او لا تزال ضعيفة نسبيًا أو عاجزة عن التأثير الجدي. من هنا، يظهر أنّ القوات تحاول الجمع بين قوتها التنظيمية والشعبية من جهة، والدعم الإقليمي من جهة ثانية، في سبيل تكريس نفسها رأس جسر لأي مشروع إضعاف للحزب في الداخل اللبناني.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن القوات اللبنانية لا تعتزم التراجع عن خطّها التصعيدي، بل ستواصل هجومها المباشر على الحزب، بالتوازي مع الضغط على الحكومة والعهد. وتوضح المصادر أنّ هذا التصعيد يهدف إلى إظهار أنّ المؤسسات الدستورية، وخصوصًا رئاسة الجمهورية، غير قادرة على مواجهة الحزب. وفي هذا السياق، تسعى القوات إلى إظهار الرئيس جوزيف عون بمظهر الضعيف أمام الحزب، مهما كانت الإجراءات التي يتخذها. هذا التصوير، وفق قراءة القوات، يعدّ إنجازًا سياسيًا إضافيًا لها لأنه يرسّخ روايتها بأن الحزب يتفوق على الدولة ومؤسساتها.
من خلال هذه الاستراتيجية المزدوجة، أي الجمع بين التعبئة الشعبية
المسيحية والدعم الإقليمي، تراهن القوات على تعزيز موقعها كرقم صعب في المعادلة اللبنانية. فهي تحاول فرض معادلة جديدة عنوانها أنّ أي تسوية أو اتفاق داخلي لا يمكن أن يتم من دونها، سواء في الانتخابات المقبلة أو في الاستحقاقات السياسية الأوسع. هذا التموضع يضعها في مواجهة مباشرة مع حزب الله، ويعكس في الوقت نفسه رهانًا على متغيرات داخلية وخارجية قد تصبّ في مصلحتها، وتفتح أمامها آفاقًا لفرض نفسها لاعبًا أول على الساحة المسيحية، ورافعة أساسية للمشروع الإقليمي المناهض للحزب.