ماذا لو أقدمت إسـرائيل على توجيه ضربة إلى
حزب الله ؟ هذا السؤال يُطرح بكثرة في الأوساط السياسية والإعلامية، خصوصاً في ظل احتدام المعارك في غزة. من الواضح أن أي مواجهة محتملة لن تشمل معركة برية، فجيش
الاحتلال منشغل حتى العظم في الميدان الغزّاوي، ولا يملك القدرة على فتح جبهة برية واسعة على الحدود
اللبنانية . وعليه، فإن أي تصعيد محتمل سيكون محصوراً بالغارات الجوية، وهو ما يضعنا أمام سيناريوهين رئيسيين.
السيناريو الأول يتمثل في تكثيف
الغارات الجوية بشكل مدروس، بحيث تقتصر على أهداف محددة لا تطال المدنيين. هذا الخيار لن يغيّر في المعادلة القائمة شيئاً يُذكر، لأن إســرائيل تستهدف منذ اشهر أي هدف تعتبره تهديداً، سواء في الجنوب أو في العمق اللبناني.
وبذلك، فإن تكثيف القصف سيبقى ضمن سقف ما تقوم به حالياً، ولن يحمل جديداً على مستوى النتائج العسكرية. بل على العكس، قد يجد الداخل اللبناني المناهض للحزب نفسه في موقف حرج، إذ إن هذا التصعيد قد يضعف حججه في انتقاد "الحزب" من دون أن تلتزم
تل أبيب .
أما السيناريو الثاني، وهو الأخطر، فيتمثل في القصف العشوائي وغير المدروس الذي قد يطال المدنيين والبنى التحتية بشكل واسع. هنا سيكون "الحزب" أمام خيار الرد المباشر، ما سيدخل
لبنان في حرب شاملة ويعيد خلط الأوراق على نحو غير مسبوق. ففي هذه الحالة، سيسعى الحزب إلى إثبات قدرته على استهداف العمق الإســرائيلي بشكل مكثف، وهو ما قد يؤدي إلى قلب المعادلة الميدانية والإعلامية معاً. فبدلاً من أن يكرّس
نتنياهو سردية "النصر الكامل" على الحزب، قد يجد نفسه أمام واقع جديد يفرض إعادة فتح باب المفاوضات، وربما تعديل ميزان القوى في المنطقة.
وبين هذين الاحتمالين، يبقى المشهد معقداً. فإسـرائيل تدرك أن الضربة الجوية المدروسة لن تحقق لها أكثر مما تحققه اليوم، وأن الذهاب نحو تصعيد غير محسوب قد يفتح أبواباً لمفاجآت غير مرغوبة. في المقابل، فان"الحزب" يدرك أن أي مواجهة واسعة تحمل في طياتها مخاطر كبرى على الداخل اللبناني، لكنها قد تشكل أيضاً فرصة لإعادة فرض معادلة ردع جديدة تعيد رسم الحدود بينه وبين تل أبيب.
ستبقى أي ضربة إسـرائيلية محتملة للحزب محكومة بحسابات دقيقة، حيث لا مكان للمغامرات غير المحسوبة في ظل واقع إقليمي متفجر. ويبقى السؤال مفتوحاً: هل تسعى تل أبيب إلى اختبار قدرات الحزب أم أنها تدرك أن أي خطوة من هذا النوع قد تفتح الباب على مواجهة قد تتجاوز
حدود لبنان ؟