آخر الأخبار

تقريرٌ جديد عن سلاح حزب الله.. سؤال محوري يُطرح

شارك
نشرت صحيفة "arabnews" تقريراً جديداً طرحت فيه سؤالاً أساسياً وهو: "لماذا لا يمكن تأجيل نزع سلاح حزب الله في لبنان ؟".
ويقولُ التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنّ "لبنان يقفُ عند مفترق طرق حاسم"، مشيراً إلى أنَّ "الخيار حتمي وقاطع، وهو استعادة احتكار الدولة لاستخدام القوة، أو مشاهدة تآكل الدولة البطيء الذي لا رجعة فيه"، وأضاف: "تكمنُ في قلب هذه الأزمة ترسانة حزب الله الذي شكل قوة عسكرية موازية تعمل خارج نطاق سلطة الحكومة، وتخضع لهيكل قيادة خارجي، وتتمتع بنفوذ كافٍ لنقض القرارات الوطنية متى شاء"..
وأضاف: "لعقود، بُرِّر سلاح حزب الله تحت شعار المقاومة ، الذي وُضِعَ في البداية كدرعٍ ضروريٍّ ضد العدوان الإسرائيلي ، إلا أن هذا السرد قد اندثر منذ زمنٍ بعيد. ما بدأ كموقفٍ دفاعيٍّ تحوّل إلى جهازٍ سياسيٍّ وعسكريٍّ يحتجز الدولة اللبنانية رهينة، ويُقوّض المؤسسات الديمقراطية ، ويُشكّل ذراعاً لاستراتيجيةٍ إقليميةٍ لقوةٍ أجنبية. اليوم، لم يعد سلاح حزب الله يحمي لبنان، بل يحمي قدرة الحزب على إملاء مستقبل البلاد".
وتابع: "أساس أي دولة ذات سيادة هو احتكارها استخدام القوة. في لبنان، يُنتهك هذا المبدأ. يحتفظ حزب الله بترسانة دائمة، وهيكل قيادة مستقل عن الجيش الوطني، وقدرة على شن الحرب أو السلام من دون استشارة الدولة، وهذا النظام الأمني المزدوج يُقوّض فكرة السيادة ذاتها".
واعتبر التقرير أنَّ "عواقب هذا الخلل العسكري ليست نظرية"، مشيراً إلى أنَّ "كل تصعيد إقليمي يُنذر بجرّ لبنان إلى المواجهة، سواءً من خلال تبادلات عسكرية مع إسرائيل أو عمليات سرية على الأراضي اللبنانية"، وأضاف: "هذا الخطر الدائم يجعل البلاد ورقة تفاوض في صراعات جيوسياسية لا تستطيع السيطرة عليها ولا ينبغي لها أن تتحملها".
وذكر التقرير أن "المنطقة نفسها تتجه نحو نموذج مختلف"، وأضاف: "العواصم العربية تنخرط في الدبلوماسية وتعطي الأولوية للتعافي الاقتصادي على المواجهة الأيديولوجية. ومع ذلك، لا يزال لبنان عالقاً في موقف متشدد يعزله عن هذه الفرص".
وأكمل: "بدلاً من الاستفادة من الشراكات الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية والاندماج في نظام إقليمي مستقر، يبقى لبنان هشاً وتحت عزلة إقتصادية ناهيك عن أنه يواجه قيوداً دبلوماسية بالإضافة إلى الشلل السياسي".
ورأى التقرير أنَّ "سلاح حزب الله لا يُمثل مشكلة أمنية داخلية فحسب، بل يُمثل عائقًا هيكليًا أمام إعادة اندماج لبنان في الشرق الأوسط المتغير"، وأضاف: "كثيراً ما يجادل مؤيدو تسليح حزب الله بأن هذه الأسلحة تُشكّل رادعاً للعدوان الإسرائيلي. عملياً، لم تمنع الصراع، بل أدّت إليه. كل جولة تصعيد تُدمّر البنية التحتية اللبنانية، وتُشرّد المدنيين، وتُعمّق الأزمة الاقتصادية. إن تدمير جنوب لبنان في المواجهات السابقة، واستمرار خطر تجدد الحرب، دليلٌ على أن هذا الرادع، في أحسن الأحوال، ليس سوى درع مؤقت ذي ثمن باهظ".
وتابع: "علاوة على ذلك، تحوّل التوازن العسكري بشكل يُضعف القيمة الاستراتيجية لحزب الله. لقد تطورت قدرات إسرائيل التكنولوجية والاستخباراتية، مما جعل ترسانة حزب الله أقلّ ردعاً وأكثر عبئاً.. وعليه، فإن الأسلحة ليست لحماية لبنان من التهديدات الخارجية، بل للحفاظ على نفوذ حزب الله في ميزان القوى الداخلي".
وأكمل: "خارج ساحة المعركة، يُشوّه وجود فصيل مسلح خارج سيطرة الدولة العملية الديمقراطية في لبنان. لا يمكن لأي حكومة أن تعمل بحرية عندما يدعم طرف سياسي واحد مطالبه بالتهديد الضمني - أو الصريح - باستخدام القوة. قرارات مجلس الوزراء والمناقشات البرلمانية والمبادرات السياسية، كلها تُعقد في ظلّ نفوذ حزب الله العسكري".
وأردف: "هذا الخلل يجعل الإصلاح الحقيقي شبه مستحيل. على القادة السياسيين، حتى المعارضين منهم لنفوذ حزب الله، أن يحسبوا مواقفهم ليس فقط بناءً على المصلحة العامة، بل أيضاً على خطر إثارة رد فعل مسلح. والنتيجة نظامٌ تتسم فيه المساءلة بالانتقائية، والحوكمة بالشلل، والفساد يزدهر في غياب ضوابط وتوازنات حقيقية".
وذكر التقرير أنه "بسبب الشلل السياسي، تفاقم الانهيار الاقتصادي المطول في لبنان، والذي اتسم بانخفاض قيمة العملة، وإفلاس البنوك، والهجرة الجماعية، وقال: "لقد أوضح المانحون الدوليون أن المساعدات والاستثمارات تعتمد على الاستقرار السياسي، والشفافية، ووجود دولة فاعلة. مع هذا، لا يمكن تحقيق أيٍّ من هذه الأمور في ظل وجود جماعة مسلحة تعمل خارج إطار قيادة الجيش اللبناني ".
وأكمل: "كلما طال تأجيل قضية نزع السلاح، غرق لبنان في دوامة التبعية والانقسام. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، ستتقلص قدرة الدولة على فرض وجودها، مما يزيد من صعوبة نزع السلاح في نهاية المطاف. وعملياً، يُواجه البلد خطر الوصول إلى مرحلة يصبح فيها الوضع الراهن المسلح متجذراً لدرجة لا يمكن تفكيكه إلا من خلال الأزمة، لا بالإجماع".
أمام ذلك، رأى التقرير أنَّ "نزع سلاح حزب الله لن يكون سهلاً"، متحدثاً عن ضرورة إقرار "استراتيجية وطنية منسقة تجمع بين التوافق السياسي والدبلوماسية الإقليمية والدعم الدولي"، وقال: "يجب على الدولة اللبنانية أن تُعيد تأكيد وجودها باعتبارها السلطة الشرعية الوحيدة على السلاح داخل حدودها. هذا ليس مجرد إجراء أمني، بل هو شرط أساسي للنهضة الوطنية".
وتابع: "تتطلب هذه العملية شجاعةً من الطبقة السياسية اللبنانية، ووحدةً بين مؤسساتها المتصدعة، ورسالةً واضحةً للجهات الفاعلة المحلية والدولية مفادها إنه يجب أن ينتهي عصر السيادة المنقسمة. كذلك، يجب على الشركاء الإقليميين إدراك أن لبناناً مستقراً وموحداً يخدم مصالح الشرق الأوسط بأكمله. من دون دعمهم - السياسي والمالي والدبلوماسي - ستواجه الدولة اللبنانية صعوبةً في التحرر من دائرة التبعية والإكراه".
وختم: "في النهاية، لا يقتصر الجدل حول سلاح حزب الله على نزع السلاح فحسب، بل يتعلق أيضاً بما إذا كان لبنان يختار أن يكون دولة حقيقية أم أداة جيوسياسية.. الخيار مُلِحّ، والتأخير لن يؤدي إلا إلى زيادة التكلفة وتفاقم العواقب. نزع السلاح ليس منّةً للقوى الأجنبية، ولا عملاً عدائياً تجاه طائفةٍ واحدة. إنه عملٌ لحفظ الذات، وهو السبيل الوحيد لاستعادة سيادة لبنان، وتأمين مستقبله، واحترام حق شعبه في العيش في دولةٍ تُمارس فيها السلطة بيد قادةٍ مُنتخبين، لا بقوة السلاح".
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا