التهديد الذي أطلقه أمين عام " حزب الله " الشيخ نعيم قاسم بشنِّ حرب أهلية في حال السعي العملي لنزع سلاحه، يعني تماماً ذهاب لبنان إلى سيناريوهين معاً: الأول وهو اقتتال داخليّ والثاني هو "انفراط" الجيش.
عواقب هذا التهديد ليست عادية بل هي خطيرة لدرجة جعل لبنان أمام انهيار أمني كبير، ذلك أنَّ المواجهة التي سيخوضها "حزب الله" هذه المرة لن تكون ضد أي طرفٍ داخلي، بل ستكون مباشرة مع الدولة
اللبنانية ، وهو الأمر الذي لن يقبل به
رئيس مجلس النواب نبيه بري بأي شكلٍ من الأشكال.
صحيحٌ أن
بري "يُجاري" حزب الله في الكثير من المواقف والثوابت، لكن مسألة الاقتتال مع الجيش أو الدولة، سيعني "إنتحار" الحزب نهائياً. الأمر الأخطر هو أنّ هذه المسألة ستقودُ بالجيش إلى الإنقسام، وهو ما لا يتحمله بري ولا حتى الطائفة الشيعية الممثلة في المؤسسة العسكريّة، ومنها يوجد ضباط كبار ورتباء وأفراد.
لذلك، فإن أي مغامرة بمصير الجيش ستعني اصطدام "حزب الله" مع الجهة التي ما زالت تمثلُ عنوان إجماع بين اللبنانيين، في حين أنَّ الواقع الأمنيّ سيكونُ مُحاطاً بمخاطر أكبر تتصلُ بخلايا نائمة داخلية ستسعى لتحريك أدواتها لتوتير الوضع، ناهيك عن وجود مخاطر جدية من مسلحين على الجانب السوري يتربصون بالجيش ويخططون لاختطاف جنود منه، وذلك وفق وثيقة أمنية صادرة عن المُخابرات جرى تسريبها مؤخراً.
وبذلك، إن دخل "حزب الله" في أي معركة ضدّ الجيش، فإن هذا الأمر سيمثل إنهاء لدور أمني فعال يحرص على حماية لبنان من المخاطر الداخلية والخارجية، وبذلك سيكون لبنان قد دخل في حالة من الفوضى الشديدة، وبالتالي لا إمكانية لضبطها إلا بالمعارك.
السيناريو هذا تُدركه
قيادة الجيش تماماً، وهي تسعى إلى تنفيذ خطة حصرية السلاح بيد الدولة من دون أي اصطدام، لكن شرط أن يكون ذلك بتعاون واضح ومُعلن من قبل "حزب الله". لكن في المقلب الآخر، قد يصطدم "الحزب" بمعارضة
شيعية داخلية كبيرة إن قرر التصادم مع الجيش، الأمر الذي سيُضعف قدرته على المواجهة، وستكون بيئته الحاضنة غير مؤاتية لمثل هذا الصراع، ما يقود "الحزب" إلى إعادة قراءة حساباته.
لذلك، تقولُ مصادر سياسية لـ"لبنان24" إنَّ "حزب الله رفع سقف الخطاب للذهاب إلى التفاوض مع
الدولة على قاعدة التهويل من الحرب"، مشيرة إلى أنَّ "الحزب يعي تماماً المخاطر، لكنه في الوقت نفسه يريد من الدولة أن تناقشه بدلاً من اتخاذ قرارات تمثل انقاضاً عليه"، وتضيف: "لهذا، يريد الحزب أن يبقى أساسياً على طاولة المفاوضات وليس عنصراً ينفذ ما يُطلب منه".
المصادر تقول إن "حزب الله لا يريد تكرار سيناريو ترحيل منظمة التحرير
الفلسطينية من لبنان عام 1982 وذلك بعدما اتخذ القرار بذلك برعاية دولية"، موضحة أن "المنظمة التزمت بما تم أمرها به وغادرت مع مقاتليها"، وتابعت: "أما الحزب، فهو يعتبر نفسه ممثلاً رئيسياً في لبنان ولا يمكنه الالتزام بتنفيذ أي أمر من دون أخذ القرار به. وعليه، سيكون مُستحيلاً تماماً الوصول إلى تسليم للسلاح من دون تلبية الشروط التي يريدها الحزب بالتوازي مع شروط الدولة".
إذاً، ما ينتظر ملف السلاح هو "كثير من الأخذ والرد"، لكن ما يحصل حالياً هو أن التشاور يخضع للتكثيف إلى حين الوصول لصيغة واحدة ترضي الجميع من دون أي استثناء وبعيداً عن اقتتال داخلي سيقلب وضع لبنان رأساً على عقب.