نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً قالت فيه إنَّ " لبنان يتعافى مع ضعف حزب الله "، مشيراً إلى أن "شرعية التنظيم تضررت حتى داخل قاعدته الإنتخابية الأساسيَّة، وذلك بسبب خسارته للقيادة الكاريزماتية وتدهور مكانتهُ العسكريّة".
التقريرُ الذي ترجمهُ
"لبنان24" يقولُ إنهُ "في الخامس من آب، واستجابة للضغوط الأميركيَّة المُتزايدة للالتزام بجدولٍ زمني لنزع سلاح حزب الله، عقدت الحكومة
اللبنانية اجتماعاً وزارياً في القصر الرئاسي في بعبدا،. بدأ الاجتماع عند الساعة الثالثة عصراً، وكان لا يزال مستمراً عندما ظهر أمين عام حزب الله نعيم قاسم مساء على قناة المنار، القناة التلفزيونية الرسمية لحزب الله، ليرفض كل الدعوات إلى نزع سلاح حزب الله، ويطلق تهديدات صارخة لإسرائيل".
وتابع: "لقد أكد قاسم في خطابه أنه إذا شنت
إسرائيل عدواناً جديداً واسع النطاق على لبنان، فإنَّ حزب الله إلى جانب الجيش اللبناني والشعب اللبناني سيدافع عن نفسه. كذلك، هدَّد قاسم قائلاً إنَّ هذا الدفاع سيؤدي إلى سقوط الصواريخ داخل الكيان
الإسرائيلي ، وكل الأمن الذي بنوه على مدى 8 أشهر سينهار في غضون ساعة".
وأكمل: "ما قاله قاسم كلمات جريئة، لكنها في معظمها تبجح وتهديد. كان قاسم يُلمّح إلى أن حزب الله لا يزال يتمتع بأوثق شراكة مع الحكومة اللبنانية. وفي الواقع، فقد تآكلت قبضة حزب الله الحديدية السابقة على البلاد بشكل كبير، وبدأت الحكومة المنتخبة حديثاً في فرض سلطتها في مناطق كانت كلمة حزب الله فيها قانوناً لعقود. إن مفهوم الدولة داخل الدولة آخذ في التلاشي، وقد تعود دولة لبنان ذات السيادة الحقيقية إلى الظهور".
وتابع: "بعد ساعات من النقاشات المحمومة، توصّل
مجلس الوزراء إلى قرار بالأغلبية. سيُكلّف الجيش اللبناني بوضع خطة شاملة بحلول نهاية آب لترسيخ احتكار الدولة للسلاح، على أن يبدأ تطبيقها بحلول نهاية عام 2025. الهدف المعلن هو وضع كل الأسلحة في البلاد تحت سيطرة ست قوى أمنية حكومية مُعيّنة، وبالتالي إنهاء استقلالية الجهات الفاعلة غير الحكومية، وأبرزها حزب الله. كذلك، ذكرت بعض
وسائل الإعلام أن الوزراء الشيعة الممثلين لحزب الله انسحبوا من اجتماع مجلس الوزراء احتجاجاً قبل التصويت. حوالى الساعة السابعة والنصف مساءً، عقد رئيس الوزراء نواف سلام مؤتمراً صحفياً أعلن فيه القرار. حزب الله بدوره رفضهُ رفضاً قاطعاً، وفي صباح اليوم التالي، أعلن حزب الله في بيان مكتوب إنه سيتعامل مع هذا القرار كأنه غير موجود".
وأضاف: "لمدة عامين، أبقى حزب الله وحلفاؤه السياسيون لبنان بحالة جمود سياسي، رافضين السماح بإجراء انتخابات رئاسية. لم يسمح حزب الله بانتخاب جوزيف عون رئيساً وتشكيل الحكومة الجديدة إلا بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في تشرين الثاني 2024. ومنذ ذلك الحين، تجري القيادة اللبنانية مفاوضات مع المبعوث الأميركي الخاص توم براك بشأن خطة تدريجية لنزع سلاح حزب الله وإعادة ترسيخ احتكار الدولة اللبنانية للأسلحة".
التقرير يُتابع: "تشير التقارير إلى أن القوات المسلحة اللبنانية قامت بتفكيك أكثر من 90% من البنية التحتية العسكرية لحزب الله في جنوب لبنان، على الرغم من أن حزب الله يحتفظ بأسلحة وقدرات جوهرية شمال نهر الليطاني. كذلك، لم يعد حزب الله كما كان عليه من الناحية السياسية أو المالية. أيضاً، لم يعد الحزب قادراً على إملاء سياسة الحكومة، ومع ذلك، يحتفظ بكتلة برلمانية مهمة تُعرف باسم الوفاء للمقاومة. أما في ما يتعلق بتمويله، فقد كانت جمعية القرض الحسن بمثابة البنك الفعلي لحزب الله، وفي تموز، حظر مصرف لبنان المركزي التعامل مع الجمعية المذكورة".
وقال: "لطالما اكتسب حزب الله شعبيةً بين الشيعة بفضل شبكته الواسعة من الخدمات الاجتماعية. لقد أدارَ الحزب مُستشفياتٍ وعياداتٍ وصيدليات، وغالباً ما كان يُقدّم رعايةً طبيةً بتكلفةٍ أقلّ من المؤسسات الخاصة، وغالباً ما كان ذلك مجاناً لأعضاء الحزب. وبتمويلٍ كبيرٍ من
إيران ، أدار الحزب أيضاً مدارسَ ومرافقَ تعليميةً وبرامجَ شبابية".
وأكمل: "أيضاً، تشيرُ التقارير الإعلامية إلى انخفاض كبير في الدعم المالي
الإيراني ، وبحلول منتصف عام 2025، تقلصت شبكة حزب الله الصحية والاجتماعية والتعليمية بشكل كبير. مع هذا، فقد تضرر أو دُمّر العديد من مستشفيات وعيادات الحزب، ويُعدّ الحصول على الرعاية الصحية محدوداً. أيضاً، تُسهم العيادات المتنقلة ومنظمات الإغاثة الدولية في سد بعض الثغرات، إلا أن العلاجات الروتينية للأمراض المزمنة قد توقفت".
وأضاف: "أيضاً، تضرَّر عدد كبير من المدارس، وخاصةً في الجنوب، فيما حُوّل بعضها إلى ملاجئ طوارئ، بينما لا يتلقى العديد من الأطفال تعليمهم. لقد ضعفت قدرة حزب الله على قيادة إعادة الإعمار والدعم الاجتماعي بشكل واضح، وتشير التقارير إلى فقدان الثقة بين قاعدته الشعبية التقليدية، وخاصةً بين المدنيين الشيعة".
وذكر التقرير أنَّ "الإدارة اللبنانية الجديدة تُركّز على تعزيز مؤسسات الدولة"، وأضاف: "لقد ربطت الجهود الدبلوماسية الأخيرة صراحةً بين المطالب اللبنانية بانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان والالتزام ببسط سلطة الدولة وتقييد عمليات حزب الله المستقلة وسلطته الاجتماعية. وتاريخياً، عالجت برامج حزب الله الاجتماعية إهمال الحكومة المركزية للطائفة الشيعية، ومن خلال توفير فرص العمل والرعاية الاجتماعية والمساعدات المباشرة، أنشأ حزب الله مواطني الظل المرتبطين ارتباطاً وثيقاً بمؤسساته، مما عزز نفوذه السياسي والاجتماعي. ووفقاً لاستطلاع رأي أُجري عام 2024، أعرب حوالي 85% من الشيعة اللبنانيين الذين شملهم الاستطلاع عن ثقتهم بالحزب".
وتابع: "مع ذلك، كان الدعم الوطني الإجمالي أقل بكثير، إذ لم يثق بحزب الله سوى حوالى 30% من اللبنانيين، بينما أفاد 55% بانعدام ثقتهم به إطلاقاً. كذلك، كان الدعم بين السنة والدروز والمسيحيين محدوداً (أقل من 16% في كل فئة). أيضاً، أظهرت الانتخابات البلدية لعام 2025 أن حزب الله وحليفته حركة أمل لا يزالان يحظيان بنفوذ كبير وواسع على جنوب لبنان، لكن مرشحي الإصلاح والمعارضة حققوا مكاسب، حتى في بعض معاقل حزب الله التقليدية. هذا الأمر يشير إلى أن شرعية حزب الله، حتى ضمن قاعدته الانتخابية الأساسية، قد تضررت بسبب فقدانه لقيادته الكاريزماتية وتراجع مكانته العسكرية".
واستكمل: "لقد ضعفت قوة حزب الله أكثر بسبب عجزه عن حماية أو إعادة بناء المجتمعات الشيعية التي دمرتها الحرب، وبسبب دوره المفترض في التسبب في الأزمة الاقتصادية في لبنان في السنوات القليلة الماضية. في عام 2023، ارتفع التضخم إلى مستوى مذهل بلغ 221.3%، وانخفض إلى 45.2% في عام 2024، ولكن بحلول أيار 2025، نجحت الإجراءات الحكومية في خفضه إلى 14.4%، وهو معدل لا يزال مرتفعاً جداً لتحقيق الاستقرار، ولكنه على الأقل تحت السيطرة".
وتابع: "أظهر الاقتصاد اللبناني أيضاً علامات انتعاش هش منذ وقف إطلاق النار. فبعد انكماش حاد بنسبة 7.1% في عام 2024، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 4.7% في عام 2025، مسجلاً أول نمو له منذ عام 2017. ويعود هذا الانتعاش إلى تحسن الاستقرار السياسي، وانتعاش السياحة، وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، وتدفقات رأس المال المتواضعة. أيضاً، لقد عزز انتخاب رئيس جديد على رأس حكومة موجهة نحو الإصلاح، وحاكم جديد للبنك المركزي، وإصلاحات رئيسية، ودعم دولي، التفاؤل المتجدد والبيئة الأكثر استقراراً. ورغم عودة النمو للمرة الأولى منذ سنوات، وانخفاض التضخم بشكل كبير عن ذروته، فإن الاقتصاد اللبناني لا يزال هشاً".
واعتبر التقرير أن "التعافي المُستدام سيعتمدُ على الإستقرار السياسي وعلى الإصلاحات بشكلٍ أكبر"، موضحاً أن "ذلك يعتمدُ بالدرجة الأولى على منع حزب الله من استعادة أي قدر من النفوذ الذي تمتع به في لبنان على مدى ربع القرن الماضي".