آخر الأخبار

عودة اميركية الى طرح تبادل الأراضي

شارك
كتب داوود رمال في" نداء الوطن": تؤشّر زيارة الموفد الأميركي السفير توم برّاك الثالثة إلى لبنان على مرحلة جديدة في التعامل الأميركي مع الملف اللبناني، بعد أشهر من الجمود والمراوحة الدبلوماسية. فالرجل لم يأتِ حاملًا وعودًا ولا رسائل تهدئة، بل وضع على الطاولة قائمة شروط أميركية ـ إسرائيلية واضحة، بدا وكأن لا مجال لمناقشتها أو تعديلها، تحت طائلة التصعيد المفتوح. والمفارقة أنّ هذه الزيارة التي بدت في ظاهرها استطلاعية جاءت لتكرّس حقيقة أنّ الولايات المتحدة لم تعد ترى في اتفاق ترسيم الحدود البحرية في 27 تشرين الأول 2022 إطارًا كافيًا لضمان الاستقرار، بل نقطة انطلاق لفرض اتفاق جديد، يتضمّن هذه المرة، شرطًا مركزيًا: نزع سلاح "حزب اللّه" بمهلة محدودة الزمن.
من بيروت ، وجّه برّاك رسائل حادّة إلى المسؤولين اللبنانيين، تبدأ من التأكيد أن إسرائيل وحدها هي التي تحدّد الفترة الزمنية لتنفيذ أي خطة لنزع السلاح، في مؤشر خطير إلى أنّ واشنطن تتبنّى بالكامل وجهة النظر الإسرائيلية ، بل وتعمل على تسويقها كأمر واقع. فالحديث عن خطة لبنانية تطرح ببطء، وتنتظر توافقات سياسية معقّدة، لم يعد مقبولًا في القاموس الأميركي. وهذا ما فسّره برّاك بشكل لا لبس فيه حين أعلن، وفق مصادر سياسية مواكبة، أن لا مهل مفتوحة أمام الحكومة اللبنانية ، وأن خطة نزع السلاح يجب أن تُقرّ "بإجماع" مجلس الوزراء ، ولكن ضمن جدول زمني ضاغط، وإلّا فإنّ البديل سيكون المجهول.
لم يكتفِ برّاك بتحديد إيقاع المرحلة المقبلة، بل سحب من يد الدولة اللبنانية آخر أوراقها التفاوضية، حين شدّد على أن لا ضمانات أميركية بوقف إطلاق النار أو وقف الاغتيالات أو وقف الخروقات الإسرائيلية، ما لم يُحسم ملف السلاح. وهذه المعادلة تشكّل انقلابًا واضحًا على منطق التفاوض المتوازن، إذ تُقدَّم فيها التنازلات اللبنانية المسبقة، فيما لا تُعطى أي التزامات مقابلة من الجانب الإسرائيلي . بل أكثر من ذلك، عاد برّاك إلى طرح أفكار قديمة تعود إلى عهد سلفه آموس هوكستين، وتحديدًا إلى اجتماعات اللجنة الثلاثية في الناقورة، حيث طُرح مبدأ تبادل الأراضي كحلّ للعقدة الحدودية. آنذاك، رفض لبنان هذا الطرح رفضًا قاطعًا، بعدما تمسّكت إسرائيل بالاحتفاظ بنقاط متنازع عليها لأسباب تعتبرها استراتيجية، خصوصًا تلك التي تمنحها إشرافًا ناريًا على مناطق في الجنوب.
اليوم، يعود الأميركيون ليطرحوا الصيغة نفسها، مدفوعين بما يرونه تغيّرًا في موازين القوى الإقليمية، وسقوفًا متدنية في الخطاب اللبناني، بما يفتح الباب أمام إعادة هندسة الحدود البرية بغطاء دولي، لكن على حساب السيادة اللبنانية. وهذا ما جعل زيارة برّاك محطّ رصد دقيق من قبل القوى السياسية اللبنانية، التي تراقب كيف ستتصرف الدولة اللبنانية في مواجهة هذا الضغط التصاعدي، مع تعويل لبناني لا سيّما من قبل رئيس الحكومة نواف سلام على دور فرنسا كشريكة في لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية بموجب القرار 1701...
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا