كتبت روزانا بو منصف في" النهار": ان إضعاف الرئيس احمد الشرع وفرض شروط لتراجع سيطرته وتحدي شرعيته، سيرسمان علامات استفهام كبيرة حول قدرته على استكمال سيطرته على مناطق أو مكونات سورية أخرى.
هذا الباب يفتح على مصراعيه، ليس على المستوى السوري فحسب بل على مستوى دول المنطقة التي اندفعت إلى دعم
سوريا الجديدة تخوفا من انهيارات تؤدي إلى تفكك المنطقة وعدم استقرارها على مدى طويل جدا. ولهذا ارتفع مستوى الاستنفار الإقليمي من الدول الداعمة لسوريا الجديدة خوفا عليها ومنها في الوقت نفسه، فيما أثارت الاعتداءات
الإسرائيلية أسئلة كبيرة حول التمايز الأميركي -
الإسرائيلي إزاء سوريا، والمدى الذي تتيحه
واشنطن لإسرائيل، في ما يتخطى تحييد بنيامين
نتنياهو الأنظار الإسرائيلية عن "تنازلات" لاتفاق في غزة أو حماية لحكومته.
دخول
إسرائيل على الخط ليس لإتاحة انخراط دروز
الجولان في دعم اتجاهات الصراع مع النظام في سوريا فحسب، بل لتوجيه ضربات تنال من سيادتها وهيبة السلطة فيها، وهو ما ساهم في تعقيد مشهد داخلي معقد أصلا في ظل ما وصفه
وزير الخارجية الأميركي بأنه "خصومات تاريخية قديمة
العهد ، بين مختلف المجموعات في جنوب غرب سوريا، وهذا الأمر أفضى الى وضع مؤسف"، في إشارة إلى الاشتباكات بين الدروز والبدو في سوريا. من جهة أخرى، هناك الانقسامات الدرزية الخطرة في ظل استدعاء البعض للخارج، وفق ما حذر
وليد جنبلاط ، ورئاسة روحية للطائفة الدرزية عبرت بقوة عن حتمية البقاء تحت لواء الشرعية
السورية . وهناك أيضا ما لا يقل أهمية، وهو الانتهاكات التي ارتكبتها الجهات الأمنية الفاعلة، ولا سيما إذا كانت من خارج أوامر السلطات السياسية، ما يفيد بوجود تمرد مستمر تردد أنه كان موجودا أيضا في مجزرة الساحل السوري مع العلويين، وهو ما يهدد بتقويض قدرة النظام السوري على إرساء استقرار أمني طويل الأمد في البلاد.
وقد ترك عدم محاسبة السلطة السورية علنا العناصر المسؤولة عن المجزرة ضد العلويين، تداعيات كبيرة في سوريا وصلت مؤشراتها بقوة إلى
لبنان ولمسها اللبنانيون، على الأقل في نزوح علوي كان واضحا في شهري نيسان وأيار الماضيين في شكل خاص، وقد انضم إلى هذا النزوح العلوي نزوح
مسيحي ازدادت حدته على خلفية ثلاث محطات، إحداها ما حصل مع العلويين، وما كان حصل مع الطائفة الدرزية في جرمانا والسويداء في أيار الماضي، ثم الانفجار الإرهابي الذي تعرضت له كنيسة مار إلياس الأرثوذكسية اليونانية في
دمشق ، في أكبر هجوم ضد الأقلية
المسيحية في سوريا منذ عقود.
ويُفترض ان يعرف الحكم الجديد في سوريا، كما البعثات الأجنبية، أن مخاوف الأقليات تكبر أكثر فأكثر على خلفية هذه التطورات، فيما ترحّل هذه الأقليات فتياتها وحتى فتياتها إلى لبنان ودول الجوار من دون ضجيج، في ظل المخاوف التي لم تجد طمأنة لها على رغم الجهد الذي بذله الرئيس السوري أحمد الشرع، وذلك بعد تتابع هذه الأحداث واتساع هوة انعدام الثقة بين السلطات الجديدة وهذه الإقليات.