كتب
فؤاد بزي في" الاخبار": لم يعد الجفاف خطراً يلوح في الأفق، بل بات ضيفاً ثقيلاً يبدو أنّه سيُطيل البقاء، وسيصبح لزاماً على السكان التعامل معه وحدهم، في ظلّ غياب تام للدولة. على أثر موسم شتوي شحيح الأمطار، يقف
لبنان أمام خطر الجفاف ليحصي المشكلات الناتجة من تراجع كميّات المياه، سواء السطحية كالأنهار، أو الجوفية كالآبار. إذ تركت الحكومات المتعاقبة الناس ليواجهوا مظاهر التغيّر المناخي، ومنها الجفاف، من دون أي خطط استباقية، في وقت تُعقد مؤتمرات عالمية لمواجهة هذه الأزمة، وتجنّد لها موازنات. الجفاف ليس مشكلة مستجدّة، إذ حملت السنوات الماضية نذره. إذ تراجعت كميّة الأمطار المتساقطة في مواسم الشتاء الماضية
بشكل عام ، وتجاوزت نسبة التراجع 50% في موسم 2024-2025، وأصبحت موجات الجفاف والحر شبه سنوية. فانخفضت غزارة الينابيع بنسب وصلت إلى 80%، وجفّ عدد من الأنهار الفرعية والسواقي، ما أدّى إلى تراجع كميّات المياه السطحية في الأنهار، والجوفية في الآبار التي لا تزال مياهها صالحة للاستخدام المنزلي. مباشرةً، دفع المواطن العادي الثمن من مياهه وكهربائه. فارتفع التقنين على المياه، حيث لا تصل المياه إلى السكان إلا مرّة كل 5 أيام وبمعدّل 4 ساعات فقط. وانقطع
التيار الكهربائي عن المناطق التي تتغذى من المعامل الكهرومائية. ووسط الغياب التام للحكومة، ووزارة الطاقة والمياه التي تحضر في بيان شهري غير ملزم تسعّر فيه بدلات الاشتراك بمولدات الأحياء، وقع المواطن تحت رحمة المافيات، فلم يبق أمام سكان المناطق، حيث شحّ المياه، سوى الصهاريج لتعبئة خزاناتهم التي تصل كلفة نقل المياه بواسطتها إلى 165 دولاراً شهرياً للعائلة من 5 أفراد وتجاوز التراجع في بعض الحالات حدود الـ80% من كمية التصريف المعتادة.
تشير هذه الأرقام الصادمة إلى أزمة مائية حقيقية أصبح لبنان في قلبها، إذ يصف معدّو الدراسة السنة الحالية بأنها «سنة استثنائية من ناحية الجفاف مقارنةً بالسنوات الماضية».وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ «ينابيع رئيسية أخرى سجلت انخفاضات مشابهة»، وفقاً للدراسة. «نبع عمّيق» الذي يغذي
نهر الليطاني في سهل
البقاع تراجع بنسبة 64%، من 20 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، إلى 7 ملايين متر مكعب. كما تعرّضت ينابيع
جبل لبنان والجنوب لانحسار مماثل، مثل «نبع الباروك»
في الشوف الذي تقلصت غزارته بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وفقاً لمصادر مصلحة مياه
بيروت وجبل لبنان..