كتب صلاح سلام في" اللواء": منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني عام 2000، شكّل سلاح حزب الله شرعية شعبية واسعة، لما مثّله من أداة لتحرير الأرض وحماية الحدود.غير أن الظروف اليوم تغيّرت. فبعد الانسحاب الإسرائيلي الكامل من معظم الأراضي اللبنانية، وسقوط الذرائع الجغرافية لاستمرار العمل المقاوم، تحوّل السلاح تدريجيًا من رصيد وطني جامع إلى عبء داخلي مثير للانقسام. ولم يعد دوره واضحًا في ظل الاستقرار على الجبهة الجنوبية، فيما أُقحم لاحقًا في صراعات إقليمية، من سوريا إلى اليمن، ما جعل الحزب في مواجهة مع جزء كبير من الداخل اللبناني، وأوقع البلاد تحت طائلة العقوبات والعزلة السياسية والمالية، بسبب الخروج عن قاعدة النأي بالنفس، التي أجمعت عليها بقية الأطراف اللبنانية. لقد بات سلاح حزب الله في صلب المواجهة بين من يراه ضرورة استراتيجية كما بالأمس، ومن يعتبره عائقًا أمام استعادة الدولة لدورها وهيبتها اليوم وغداً. كما تحوّل إلى مصدر قلق حتى داخل البيئة الحاضنة، التي أنهكتها الأزمات، وتضررت من الكلفة الاقتصادية والسياسية للحروب، وخاصة الحرب الأخيرة.
إن فتح ملف السلاح ليس دعوة إلى التصادم، بل هو مدخل لحوار وطني مسؤول حول مستقبل الدولة، وما يتطلبه من أمن وإستقرار، لتحقيق الإزدهار الذي يصبو إليه اللبنانيون بعد طول معاناة من الحروب والأزمات.
وأثبتت الأشهر القليلة الماضية، أن سياسة العناد والإنكار لا تجدي نفعاً في تخفيف الأعباء والمعاناة المرهقة للبلد عامة، وللبيئة حاضنة السلاح خاص. إن حوار السلاح بين الأمس والغد يجب أن ينطلق من الاعتراف بأن ما كان يُعدّ رصيدًا وطنياً، تحوّل اليوم إلى معضلة بنيوية تهدد وحدة القرار، وتعرقل مسار النهوض. الواقع إن الضغوط والمخاطر المحيطة بالبلد تفرض شجاعة في المقاربة من قبل قيادة حزب الله، ومزيد من جرأة في الطرح من قبل الدولة اللبنانية، للتوصل إلى صيغة حل تضع حداً لهذا الاستنزاف الوطني المزمن، وتنقذ البلاد والعباد قبل فوات الأوان، لأن السلاح الذي حرر الأرض لا يجوز أن يُبقي الوطن أسير القلق والضياع، ويبقى الشعب ضحية التسويف والهيمنة والتعطيل.