في ظل الحديث المتجدد عن ضرورة حصر السلاح بيد الدولة واحتكارها وحدها لوسائل القوة، يطرح سؤال جوهري : هل يحتاج الشيعة إلى ضمانات سياسية مقابل هذه الخطوة؟
في الوقت الذي يدور فيه حوار داخلي حول سلاح
حزب الله ، بدأ
النقاش داخل أوساط الطائفة الشيعية، من صالوناتها الثقافية إلى نخبها السياسية والفكرية، حول ضرورة المطالبة بتوازن حقيقي في بنية النظام، وهذا ما ينبغي أن ينقله المفاوض الشيعي تحديدا في أي حوار مرتقب مع
الأميركيين ، خاصة أن مؤشرات هذا الحوار بدأت تلوح في الأفق.
بالنسبة إلى غالبية المكون الشيعي، لطالما شكل السلاح ضمانة وجودية في مواجهة التهديد
الإسرائيلي من جهة، وإزاء مخاوف الإقصاء الداخلي من جهة أخرى. ومن هذا المنطلق، فإن أي نقاش حول تسليم هذا السلاح لا يمكن فصله عن ضمانات سياسية واضحة، تتجاوز الشراكة النظرية، وتترجم فعليا في بنية الحكم ومراكز القرار.
في المقابل، يرى العديد من المكونات
اللبنانية ، لا سيما من الطائفتين السنية والمسيحية، أن احتفاظ أي طرف بسلاح خارج سلطة الدولة يضعف فكرة الدولة نفسها، ويقوض التوازن الوطني. ويستشهد هنا باتفاق
الطائف الذي نص صراحة على حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.
نص الطائف أيضا على إلغاء الطائفية السياسية بشكل تدريجي، بدءًا بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، لكن بعد أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال الطائفية متجذرة في عمق النظام، وأصبحت المراكز الحساسة من رئاسات الدولة إلى
قيادة الجيش وحاكمية
مصرف لبنان توزع وفق توازنات طائفية دقيقة.
يشير البعض إلى أن
المسيحيين لا يشكلون أكثر من 30% من السكان، ويبنى على هذا الطرح اقتراحات لإعادة توزيع المناصب ووظائف الفئة الأولى على أساس الحجم الديموغرافي. إلا أن هذا الطرح، يصطدم بجوهر النظام اللبناني القائم على التوازن لا الغلبة، والشراكة لا الأكثرية.
فما يؤكده المسيحيون هو أن الشراكة لا تقاس بالأرقام فقط، والتي هي في الواقع اللبناني مجرد وجهة نظر، بل بتوازن الكيانات، وهو منطق ينطبق أيضا على الشيعة، الذين يخشون أن تتحول دعوة حصر السلاح بيد الدولة إلى مدخل لعزلهم سياسيا، إن لم تقترن بضمانات دستورية وشراكة حقيقية في صناعة القرار.
ان تجاوز هذه المعضلات، بحسب مصدر شيعي، لا يكون بالاستمرار في النهج الطائفي السائد، بل عبر استكمال تنفيذ اتفاق الطائف، من خلال إلغاء الطائفية السياسية تدريجيًا، بدءا بتشكيل الهيئة الوطنية المنصوص عليها في الاتفاق، وتطبيق مبدأ المداورة في المواقع الحساسة في الدولة، منعا لاحتكارها طائفيا، وضمان شراكة فعلية لجميع المكونات في القرار، بعيدا عن منطق السلاح أو التهميش.