كتبت" الاخبار": يبدو أن قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع ، يجد نفسه هذه الأيام أمام معضلة تتصل بموقعه في السلطة الحالية. فهو يريد أن يبقى ملف «حزب الله» قائماً بقوة، وهو يريد نزع السلاح بنداً رئيسياً قبل أي شيء آخر، مهما كانت الكلفة، إلى حدّ قوله أمس: «إذا قامت الدولة اللبنانية بنزع سلاح أي فصيل مسلح، فهذا لا يُعتبر حرباً أهلية، بل هو أمر طبيعي تقوم به الدولة لبسط سلطتها على كامل أراضيها».
وبينما كان
جعجع يحتفل ليس بحصوله على أربعة مقاعد في الحكومة الأولى مع حقيبة سيادية، بل في إخراج
التيار الوطني الحر وتيار المردة من الحكومة نفسها، وجعل تمثيل
حزب الله في الحكومة دون السياسي. لكنّ جعجع اكتشف سريعاً أن مشكلته، عادت لتطلّ برأسها مع موقع المسؤول المسيحي الأول في الحكم، أي مع رئيس الجمهورية جوزيف
عون. والأخير، الذي لا يكنّ كثير الود لقائد «القوات»، تصرّف عشية انتخابه رئيساً للجمهورية، وبعد انتخابه، بأن لا يربح لجعجع جميلاً، كما هو الحال مع كل الذين انتخبوه.
جعجع الذي طلب من وزرائه أن يسجّلوا حضوراً بارزاً في مناقشات الحكومة السياسية والإدارية، كان يتّكل على دور إضافي يمكن له من خلاله تحقيق نتائج، ولا سيما في وزارتَي الطاقة والخارجية. لكنّ الذي حصل أن الحكومة ككل، لا تزال مُكبّلة، ولا تقوم بأي جهد مميّز، فيما عاد جعجع ليقدّم عنوانه السياسي الأهم على كل شيء، مركّزاً في حملته على ملف سلاح حزب الله، وضرورة إصدار قرار من الحكومة بشأنه.
طبعاً، أعرب جعجع مراراً عن انزعاجه من مقاربة رئيس الجمهورية للملف، لكنه لا يجد نفسه في هذه اللحظة في موقع من يشنّ الهجوم على عون، فكان أن أطلق العنان لحملة على الوزراء
المسيحيين المحسوبين على رئيس الحكومة نواف سلام، وتحديداً الوزيرين طارق متري وغسان سلامة، بسبب أنهما قدّما مداخلات اتّسمت بـ«العقلانية» التي «تنسجم مع وجهة رئيس الجمهورية».
وبدل أن يهاجم جعجع عون، أو حتى سلام نفسه، عمد إلى النيل من الآخرين، لكنه اكتشف مع الوقت، أن هذا لا يكفي، وأن هناك حاجة إلى الضغط أكثر.
ففي ظل فشل حكومة سلام حتى الساعة في إنجاز أي شيء وفشل وزراء «القوات» في تحقيق أي خرق يُذكر في وزاراتهم رغم كل الانتقادات التي أمطروا بها وزراء
التيار الوطني الحر، فإن «القوات» تخشى خسارة كل أوراقها الرابحة وفوزها السياسي المرتبط بالتغييرات في المنطقة إذا ما أكملت بالوضع الحالي إلى حين إجراء الانتخابات بعد أقل من عام.
من هذه الناحية، يأتي موضوع سحب سلاح «حزب الله» كرافعة تستخدمها القوات للحفاظ على رصيدها ولن تتوانى عن دفع وزرائها إلى الاستقالة خدمة لهذا الهدف.
في هذا السياق، تشير مصادر مطّلعة إلى أنه توجد لدى «القوات» خطة لخروج تدريجي من الحكومة. وقالت إن احتمالاً كبيراً باستقالة الوزراء الأربعة المحسوبين على حزب «القوات اللبنانية» من الحكومة ولا سيما إذا أكمل الرئيس سلام بالطريقة نفسها في إدارة الملفات الملحّة في البلد، خصوصاً موضوع سلاح «حزب الله» بحيث بات «التأخير والتسويف عنوانَيْ ولايته». لذلك تنتظر «القوات» ما إذا كان سلام جاداً في تحديد جدول زمني لتسليم السلاح، الأمر الذي لم ينفك وزراؤها يطالبون به منذ الجلسة الأولى لهذه الحكومة.