يبدو أن "
حزب الله " يتجه في المرحلة المقبلة إلى إدارة استحقاق ما بعد الحرب بعقلية مختلفة، تقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية: تمرير الوقت، ترميم القدرات، وتغيير العقيدة القتالية.
أولًا، التمسك بالوقت كوسيلة لامتصاص الضغوط. "الحزب" يدرك أن مرحلة ما بعد الحرب محاطة بأجواء سياسية ضاغطة داخليًا وخارجيًا، خصوصًا مع عودة الحديث عن سحب السلاح من الجنوب، بل حتى المطالبة بنزع السلاح بالكامل. لكن الثابت أن "حزب الله" لا يرى نفسه معنيًا بأي تسليم للسلاح، حتى في حال انسحبت إسـرائيل من الأراضي
اللبنانية المحتلة والتزمت بالقرارات الدولية. ما يسعى إليه في المدى القريب هو إدارة الوقت بذكاء وهدوء سياسي، ريثما تتغير الظروف أو تتراجع الضغوط.
ثانيًا، ترميم القدرات العسكرية، ولا سيما الصاروخية. الحرب الأخيرة، كانت مكلفة على بنية الحزب القتالية، لكن التجربة أثبتت أن الحزب يملك قدرة استثنائية على التعافي وإعادة بناء قوته. سيسعى جاهدًا إلى إعادة إنتاج شبكة صواريخ دقيقة وفعالة، وتعويض ما قد يُفقد من مستودعات أو منظومات، خصوصًا أن هذه القدرة تشكل صمام الأمان له في ميزان الردع مع إســرائيل.بمعنى أوضح، العودة إلى ما قبل الحرب من الناحية العسكرية لن تكون مجرد خيار، بل أولوية استراتيجية وان كانت صعبة.
ثالثًا، وربما الأهم، التحول نحو عقيدة دفاعية بالكامل. هذه المقاربة تعكس إدراك الحزب لحجم التحولات الجيوسياسية، ولحقيقة أن أي سلوك هجومي في
المستقبل قد يُكلفه أثمانًا باهظة. لذلك، يُرجّح أن يتحول تركيزه إلى احتواء المخاطر بدل استباقها، والتعامل مع أي تهديد بمنطق الدفاع لا الهجوم، خصوصًا ضمن الحدود اللبنانية. هذا التحول لا يعني
التراجع عن المواجهة أو التخلي عن السلاح، بل يعني إعادة تعريف الهدف من امتلاك القوة، من الهجوم إلى الردع، ومن المبادرة إلى الحماية.
يستعد حزب الله لمرحلة طويلة يوازن فيها بين الصمت السياسي، والتأهيل القتالي، والتحوّل العقائدي، بانتظار ما ستفرزه المنطقة من توازنات جديدة.