كتب
ابراهيم بيرم في" النهار": الارتياح الأولي الذي ظهر في بيئة "
حزب الله " وهي تتابع كلام الموفد الأميركي توم برّاك من منبر
قصر بعبدا ، لم يلبث إلا قليلاً من الوقت، إذ سرعان ما بددته حملة تشكيك في مضامين هذا الكلام أطلقها الحزب لناحية منطويات الموقف وما سماه "أبعاداً مخفية وخطِرة".
ولقد ذهب أحد العلماء المحسوبين على الحزب، بلال وهبي، إلى القول في تغريدة له: "إن براّك قد دسّ سمه في العسل، فهو اعترف بأن الحزب لبناني كبير، لكنه من جهة أخرى أطلق العنان لأمرين:الأول أطلق يد العدو لاستباحة
لبنان .والثاني أطلق العنان لمشكلة داخلية قد تفضي إلى عواقب غير محمودة".
ولا شك في أن الحزب كما سواه من الأصدقاء والخصوم على حد سواء قد فوجئ بـ"نعومة" كلام براّك وبمغايرته لمناخات كانت تنتظر موقفاً خشناً منه قياساً على أدائه السابق وأداء أسلافه.
ويخرج الحزب باستنتاج فحواه أن لهجة برّاك "لم تحجب جوهر السياسة الأميركية لأنه لم يقدم أيّ ضمانات توقف آلة القتل
الإسرائيلية التي تفعل فعلها يومياً، بدليل أنه أقرّ "بفشل آلية مراقبة تنفيذ اتفاق وقف النار"، وهو في رأي الحزب "موقف خطِر يعكس أمراً أساسياً هو أن
الإدارة الأميركية ليست في وارد ضمان وقف ضبط
الاحتلال والحؤول دون تصعيده".
وفي تقويم شامل، يخلص إلى أن موفد الإدارة الأميركية "نجح في اعتماد خطاب ديبلوماسي هادئ لكنه لم يغير في جوهر السياسة الأميركية، إذا هو عبارة عن تغيير شكلي في مقابل ثبات المضمون".
وبناء على هذه الوقائع، فإن الحزب يسأل عبر مصادره الإعلامية: هل جاء برّاك حاملاً حلولاً أم مواكباً لتصعيد مستمر يزداد وتيرة حسب الحاجة؟ وفي رأي الحزب أيضاً أنه إذا كان صحيحاً أن خطاب برّاك كان بعيداً من أي استفزاز كما كان مرتقباً، فإنه لا يحتاج إلى ذلك، فالعدوان
الإسرائيلي كان مرافقاً له في كل جولته.
ويقول الحزب إنه لم يعد من النوع الذي يمكن أن ينطلي عليه هذا الأداء السلس الجديد من نوعه للأميركي، وخصوصاً أنه ما زال يعاني النتائج السلبية لما يعتبره "مكمن
هوكشتاين " عندما قبل باتفاق وقف الأعمال العدائية مع
إسرائيل ، والذي بدأ سريانه نظرياً في 27 تشرين الثاني الماضي، لكن إسرائيل رفضت تنفيذه، في حين بقي الإشراف الأميركي عليه بلا جدوى.وهذا الاقتناع الراسخ عند الحزب، يعتبر أن ما غيّر اللهجة الأميركية أخيراً هو أمران:
الأول: الموقف الرسمي اللبناني الموحد والذي تجلى في الرد على ورقة برّاك، وهو الموقف الذي أتى بعد التنسيق والتشاور مع الحزب. وهذا الموقف ساهم في كبح الجماح الأميركي.
الثاني: أمر لا يحبّذ الحزب الحديث عنه، ويتمثل في الرسالة التي بعث بها في كل الاتجاهات عندما بث الإعلام الحربي في الحزب شريط فيديو يظهر راجمة صواريخ في نفق ينتهي بلافتة مكتوب عليها عبارة: "لن نترك السلاح... لن نسقط السلاح".