كانت لافتة النبرة الإيجابية التي تحدّث به الموفد الأميركي إلى
لبنان توماس برّاك تجاه "
حزب الله "، أمس الإثنين، وذلك حينما أكد أن الأخير هو "حزب سياسي"، فيما مسألة معالجة ملف سلاحه تقعُ على عاتق اللبنانيين وحدهم.
في الواقع، قد يكونُ كلام "برّاك" بمثابة فرصة لـ"حزب الله" لالتقاط أنفاسه، ذلك أنه يريدُ أن يكون مطلب الحل لسلاحهِ شأن لبنانيّ وليس بناء لقرارات أميركية مباشرة تُفرض على لبنان. هنا، بشكلٍ أو بآخر، استطاع الحزب تحقيق هذا الشرط من خلال إقرار برّاك بأن الحل للسلاح هو شأن داخلي لبناني، لكن هذا الأمر سيعني أبعاداً أساسية.. فما هي؟
بشكلٍ بديهي، يمكن الاستنتاجُ من كلام برّاك أن
واشنطن رمت
الكرة في ملعب اللبنانيين بمسألة السلاح. النقطة هذه محورية، لكن ما سبقها هو أمر أهم وأساسه أن واشنطن استطاعت إنتزاعَ ثابتة جوهرية وهي أنّ دور "حزب الله" الهجومي تجاه
إسرائيل لم يعُد قائماً، أولاً لأن الضربات التي تلقاها خلال الحرب
الإسرائيلية الأخيرة عليه جعلتهُ في موقع ضعيف، وثانياً لأن قدرته على افتعال حرب تُورط بيئته في دمار جديد باتت ضئيلة. أما الأمر الثالث والأهم فهو أنَّ "حزب الله" بات يتحدث بـ"نبرة الدفاع" وليس بـ"نبرة الهجوم"، أي أن سيناريوهات الماضي المرتبطة بتهديد إسرائيل واقتحامها دُفنت مع التاريخ.
على هذا الأساس، تتحدّث واشنطن بـ"أريحية" عن منح لبنان المجال لمعالجة مسألة السلاح، وفق ما تقول مصادر سياسية، فالآلية لذلك يمكن للبنان أن يضعها ومن دون أي سقوفٍ زمنية، على أن يتصل ذلك بحوارٍ داخلي يُوصل البلاد إلى صيغة مُشتركة لا يعترض عليها "حزب الله" وتنقلُ رسالة للخارج مفادها أنّ ملف سلاح "الحزب" قد سلك طريق الحل ولم يعُد مستخدماً لمهاجمة إسرائيل بل للدفاع، أي وفق الصيغة القديمة التي كان يسير عليها "حزب الله" عام 2006 وقبل ذلك.
في المُقابل، فإنَّ ربط حل ملف السلاح بـ"قرار داخلي" سينطوي أيضاً على مخاطر مختلفة أبرزها ألا يتفق الأفرقاء الأساسيون مع "الحزب" على آلية النزع المُنتظرة، ما قد يولد نزاعاً داخلياً يُعطل البلاد والحياة الدستورية. أيضاً، من السيناريوهات المطروحة أن يُبادر "حزب الله" إلى الالتفاف على قرار تسليم السلاح ويعتمد مناورة "مراكمة القوة" أو أقله عدم تسليم كل ما هو خاص به، وبالتالي الحفاظ على ترسانة عسكريّة "سرية" ذلك أنَّ التدقيق اللبناني قد لا يكون شديداً خصوصاً في مناطق خارج
جنوب لبنان وبعيدة عن منطقة جنوب
الليطاني التي يُفترض موجب
القرار الدولي 1701 واتفاقية وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل عام 2024، أن تكون خالية من أي سلاح باستثناء سلاح الجيش وقوات "اليونيفيل".
على هذا الأساس ستكون الرقابة الأميركية، فمسألة إعطاء الدولة الحيز لمعالجة السلاح لا يعني أن المتابعة الدقيقة ستنتفي. كلام برّاك بشكل مباشر يؤكد أن لبنان وُضع تحت الرصد الحرِج، في حين أنَّ أي خطوة لإضعاف "حزب الله" ودفعه نحو التسليم بالشروط، قد تكون مقترنة بشن إسرائيل اعتداءات جديدة. هذا الأمر غير مُستبعد لدى
الأميركيين حتى وإن لم يُصرحوا بذلك، في حين أن
تل أبيب تمارس مراراً وتكراراً مؤخراً تهديد لبنان وسط استمرار بقائها داخل الأراضي الجنوبية من خلال 5 نقاط حدودية.