تشهد العلاقة بين "
التيار الوطني الحر " و"
حزب الله " تحولا كبيرا، ويمكن القول إن الانفصال بين الطرفين أصبح كاملًا. فحتى التمايز الذي أظهره "
التيار "بعد حرب أيلول الماضية، والذي بدا في حينه محسوبًا وضمن حدود التنسيق، لم يكن بالحجم ولا بالحدة التي يحملها الخطاب الحالي لباسيل في وجه حارة حريك. اليوم، يتحدث رئيس "التيار"بلغة هجومية واضحة تشبه في مضمونها ونبرتها خطاب قوى 14 آذار في أوج صدامها مع "حزب الله".
هذا التحول اللافت في خطاب
باسيل ، الذي بات يستهدف بشكل مباشر سلاح "الحزب"ودوره، يشير إلى أن العلاقة بين الطرفين تقترب من نقطة اللاعودة. فـ"الجرّة انكسرت"، وفق توصيف بعض الأوساط المطلعة، والخلاف يتعدى اليوم المسائل التفصيلية أو الحسابات الظرفية، ليصل إلى العمق السياسي الذي تأسس عليه تفاهم مار مخايل.
وفي ظل هذا الواقع، لا يستبعد أن يمتد الانفصال إلى الانتخابات النيابية المقبلة، حيث يُتداول في أوساط "التيار"أن المعركة في دائرة جبيل-كسروان سيكون عنوانها الأساسي "كسر مرشح حزب الله". الهدف واضح: اختراق الساحة
الشيعية بمقعد نيابي يمكّن قوى التغيير من ترشيح رئيس مجلس نواب غير
نبيه بري ، في ما يُعتبر ضربة مزدوجة للحزب ولحلفائه.
لكن، أمام هذا الانقلاب السياسي الكبير، تُطرح تساؤلات مشروعة: هل سيتمكن "التيار" من استقطاب بيئة حاضنة جديدة تدعمه في خياراته المستجدة؟ أم أن خلافه القديم والعميق مع قوى 14 آذار ومع المكونات السيادية الأخرى سيجعله معزولًا، خاسرًا لحليفه الأساسي دون أن يكسب بديلًا حقيقيًا؟
في السياسة
اللبنانية ، من النادر أن تنجح القفزات في الهواء. و"
التيار الوطني الحر"، إذ يفك شراكته مع حزب الله، يخاطر بكل رصيده السياسي الذي بُني لعقدين على هذه العلاقة. وإذا لم ينجح في إعادة رسم تموضعه بطريقة مقنعة للناخبين، فقد يجد نفسه قريبًا بلا حليف، ولا جمهور.