آخر الأخبار

حماسة إسرائيلية مستغربة.. هل وُضِع التطبيع مع لبنان على السكّة؟!

شارك
بالتوازي مع التصعيد الميداني المتواصل جنوبًا، وفي ظلّ الترقّب لزيارة الموفد الأميركي توم برّاك الثانية إلى لبنان في الأيام القليلة المقبلة، خرجت إسرائيل بإشارة لافتة على لسان وزير خارجيتها جدعون ساعر، بقوله إنّ إسرائيلَ مَعنية بتوسيع اتفاقيات التطبيع، المعروفة باتفاقات أبراهام لتشمل سوريا ولبنان، مع تشديده بالتوازي على أن الجولان سيبقى "جزءًا من إسرائيل" في كلّ الأحوال، وفق توصيفه.

وجاء تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي هذا متناغمًا مع كلام يكرّره المسؤولون الأميركيون عن جولة جديدة من اتفاقات أبراهام قريبًا، فالرئيس دونالد ترامب قال إن هناك دولاً عربية ترغب في الاتفاق مع إسرائيل، "لكن إيران هي المشكلة"، بينما قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، إن الشرق الأوسط مستعدٌ لحوار جديد، وأن حوارًا بين تل أبيب ودمشق قد يتركز في البداية على قضايا بسيطة مثل أمن الحدود.

وبمعزل عن مدى جدّية طرح التطبيع، الذي سبق أن أثير النقاش بشأنه في أكثر من مناسبة، مع رصد تباينات واضحة بين القوى السياسية في مقاربته، لكنه في توقيته وسياقه اليوم، يطرح أسئلة عن الأثمان المطلوبة، وما إذا كان سلاح " حزب الله " قد تحوّل، في حسابات بعض الأطراف الدولية، إلى ورقة تفاوض أساسية، لا بد من إزاحتها قبل التفكير بأي تسوية، أو حتى تهدئة.

"التطبيع" وفق الشروط الإسرائيلية ؟

صحيح أنّ هناك من تحدّث في مرحلة سابقة، بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تسعى لضمّ لبنان إلى اتفاقات أبراهام، إلا أنّ التسريبات السابقة لم تكن توحي بجدية الطرح، بخلاف ما بدت عليه اليوم لسببين أساسيّين، أولها أنّ الكلام لم يأت على لسان مسؤول أمني أو عسكري، بل من رأس الدبلوماسية، وثانيهما "تناغم" الموقف مع الخطاب الأميركي "المحفّز" باتجاه التطبيع، إن صحّ التعبير.

بهذا المعنى، ثمّة من يعتقد أنّ إسرائيل بحديثها عن التطبيع توجّه أكثر من رسالة إلى من يعنيهم الأمر، فهي تؤكد أنّها لا تمانع التطبيع مع لبنان من حيث المبدأ، لكنها تعتبر في الوقت نفسه أن أيّ انفتاح من هذا النوع يبقى رهنًا بمصير سلاح "حزب الله"، الذي يبدو أنّ ثمة إصرارًا على ربط سائر الملفات به، ووضعه كشرط ضمني للتقدم في أي مسار آخر، علمًا أنّ الأداء الإسرائيلي لا يوحي بأيّ تهدئة، في ظلّ الاعتداءات التي بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة.

وفي حين يرى البعض أن إسرائيل تريد فرض إيقاعها على الداخل اللبناني، وتسعى لإظهار نفسها كشريك محتمل في التهدئة أو التطبيع، لكن وفق شروطها، تشير المعطيات المتوافرة إلى أن جولة الموفد الأميركي توم برّاك المقبلة، ستركّز على إرساء معادلة التهدئة مقابل الضبط، أي وقف التصعيد الإسرائيلي، مقابل التزام لبناني جدي ببحث ملف سلاح "حزب الله" ضمن المؤسسات، ولو على مراحل، بما يرضي القلقين إقليميًا ودوليًا.

حزب الله: لا مساومة ولا تطبيع

في الأيام الأخيرة، تواصلت الغارات الإسرائيلية بوتيرة مرتفعة على قرى الجنوب، مستهدفة مواقع تزعم إسرائيل أنّها تابعة للوحدات الصاروخية لدى "حزب الله"، وهو ما عُدّ رسالة مباشرة إلى "حزب الله"، وإلى الدولة اللبنانية بضرورة الحسم، كما اعتُبِر ضغطًا إضافيًا على الحزب، عبر إحراجه أمام بيئته الحاضنة، ولو أنه حتى الآن يتمسّك بسياسة "الصبر الاستراتيجي"، ويرفض الانجرار إلى محاولات استنزاف، ليس عسكريًا فقط، ولكن سياسيًا أيضًا.

لكن، رغم كلّ الأجواء التي خلقتها التصريحات الإسرائيلية في سياقها المحلي والإقليمي، لا يبدو انّ "حزب الله" في وارد تعديل موقفه، لا من مسألة السلاح، ولا من الطرح الإسرائيلي المستجدّ، ويقول العارفون بأدبيّاته إنّه يرفض بالمطلق أن يوضع سلاحه على الطاولة كمقابل لأي مكسب سياسي أو اقتصادي، وبالتالي فهو يرفض بطبيعة الحال الربط بين سلاحه وبين أي شكل من أشكال التطبيع أو التفاهم، وهو ما يعارضه أساسًا لأسباب مبدئية.

وفيما يؤكد المطّلعون على موقف الحزب انفتاح الأخير على النقاش الداخلي حول استراتيجية دفاعية شاملة، في إطار حوار وطني يدعو إليه رئيس الجمهورية جوزاف عون، يشدّدون على أنّ الحزب لا يرى التوقيت مناسبًا لذلك، في المرحلة الراهنة، خصوصًا في ظلّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فضلاً عن النقاط الجديدة التي بقيت فيها القوات الإسرائيلية، وتصعيد العدوان الجوي والبري على الأراضي اللبنانية.

بين المبادرات الدبلوماسية والضغوط العسكرية والسياسية، يقف لبنان في مهبّ استحقاق جديد، عنوانه سلاح "حزب الله"، لكنّ مضامينه أوسع من ذلك بكثير، وقد تمتدّ لتطال تموضع لبنان الإقليمي كلّه. فهل يتحوّل السلاح إلى "ورقة تفاوض" ضمن حزمة تسويات أكبر، أم يصمد الحزب في موقفه الرافض لأي نقاش قبل زوال العدوان؟ وهل تملك الدولة اللبنانية، في ظلّ أزمتها العميقة، قدرة فعلية على الإمساك بهذا الملف من دون أن تنفجر الانقسامات من جديد؟
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا