في ظلّ التحديات السياسية والاقتصادية المتفاقمة في
لبنان ، تبرز الحكومة الإلكترونية كأحد المفاتيح الأساسية لإعادة بناء الدولة وتعزيز ثقة المواطن بالمؤسسات العامة. لم تعد الرقمنة خيارًا ترفيهيًا، بل أصبحت ضرورة ملحّة لتسريع المعاملات، تقليص الفساد، وتحسين الإنتاجية في
الإدارة العامة . ومع أن مشروع الحكومة الإلكترونية انطلق منذ أكثر من عقد، إلا أن تطبيقه العملي لا يزال يواجه عقبات بنيوية وتقنية، ما يطرح تساؤلات جدية حول الإرادة السياسية والقدرة التنفيذية على مواكبة التحوّل الرقمي. فهل يشكّل التحوّل الرقمي فرصة حقيقية لإرساء الشفافية والحوكمة الرشيدة، أم أنه سيبقى حبيس الشعارات والخطط غير المنفّذة؟
اسئلة حملناها الى رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية
إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ
فؤاد زمكحل الذي أكد أنّ الحكومة الإلكترونية يجب ان تكون واحدة من أهم أولويات إعادة الهيكلة الداخلية، كونها تبدأ بتسريع وتسهيل المعاملات، تتركّز على الإنتاجية والكفاءة، وتستخدم الذكاء الإصطناعي، لشراء الوقت، وتحسين الإنماء، وجذب الإستثمارات، لأنّ الوقت أصبح اليوم إستثماراً، والخدمة هي "طُعم" للمستثمر.
ولفت في حديث عبر "
لبنان 24 " الى ان الحكومة الإلكترونية، تُنمّي الإقتصاد وتجذب جزءاً كبيراً من الإستثمارات، بدليل أنّ الدول العظمى والنامية طوّرت استثماراتها بفضل الحكومات الإلكترونية لديها، التي جذبت المزيد من المستثمرين والرياديِّين والمبتكرين، لأنّها تختصر الوقت الإداري، الذي يُستخدم لتطوير الاعمال، والأفكار الخلّاقة والريادية، مشدداً في هذا الاطار، على ان أنّ الحكومة الإلكترونية باتت من أهم وأشد متطلّبات الدول المانحة وصندوق النقد والبنك الدوليَّين وسائر البلدان التي تقف إلى جانب لبنان، فهي باتت اليوم مطلباً أساسياً وحاجة ملحّة وضرورية للبلدان النامية أو التي تطمح إلى الإنماء وإعادة الهيكلة ودعم إقتصادها وزيادة حركتها والتبادل التجاري والإستثماري لديها، وهي تتماشى مع كل المتطلّبات الدولية، لمكافحة الفساد.
واعتبر ان الحديث اليوم مع
العهد الجديد عن الحكومة الإلكترونية، هو حديث عن إعادة بناء الإقتصاد الأبيض والشفّاف، في وجه الإقتصاد الأسود والسوق الموازية التي كسبت الأرض في السنوات الأخيرة، جرّاء إقتصاد الكاش المؤذي والخطر، الذي هرّب المستثمرين والرياديِّين والمبتكرين، وجذب المبيّضين والمهرّبين والمروّجين.
وبالتالي وفي ضوء التحديات البنيوية التي يواجهها لبنان، تبرز الحكومة الإلكترونية كأداة محورية لإعادة بناء الدولة وتعزيز الشفافية والفعالية. فهي ليست مجرد مشروع تقني، بل ركيزة أساسية لإصلاح الإدارة العامة، تسريع المعاملات، ومكافحة الفساد عبر تقليص الاحتكاك المباشر بين المواطن والإدارة. فاعتماد الحكومة الإلكترونية يفتح الباب أمام اقتصاد أكثر شفافية وجاذبية للاستثمارات، ويعزز ثقة المواطن بالدولة من خلال خدمات سريعة وفعالة. كما أنها تواكب المتطلبات الدولية، وتُعدّ مطلباً أساسياً من الجهات المانحة وصندوق
النقد الدولي .
في الختام، لا يمكن للبنان أن ينهض دون إدارة حديثة وشفافة، والحكومة الإلكترونية تمثل خطوة جوهرية نحو هذا الهدف. فإما أن نختار طريق التحديث والشفافية، أو نستمر في دوامة الفساد والجمود الإداري.