في ظل
التطورات الإقليمية المتسارعة، تبرز احتمالية عودة الحرب إلى الساحة
اللبنانية ، لكن هذه العودة تبدو حتى الآن غير مرجحة ضمن إطار مواجهة شاملة، بل تأخذ شكل اشتباكات محدودة ومحسوبة تخدم مصلحة
إسرائيل ، من دون أن تدفعها نحو خيار الحرب الكبرى.
من الواضح أن مصلحة إسرائيل الحالية تكمن في إبقاء
جبهة لبنان مشتعلة ضمن حدود مقبولة. فهي اليوم تستهدف أي هدف تعتبره مرتبطًا بحزب الله، سواء كان بنية عسكرية أو مجرد وجود ميداني، من دون أن تواجه بردّ من الحزب. هذا النمط من الضربات يسمح لإسرائيل بتحقيق أهدافها التكتيكية وتوجيه رسائل ردع، من دون أن تتكبد كلفة المواجهة الشاملة أو تدخل في حرب طويلة الأمد قد تُنهكها داخليًا.
في المقابل، فإن الذهاب إلى حرب مفتوحة مع"
حزب الله " لا يبدو خيارًا مضمون النتائج بالنسبة لإسرائيل. فالحزب، رغم الضغوط السياسية التي يواجهها في الداخل اللبناني، يبدو اليوم في وضع عسكري وتنظيمي أفضل مما كان عليه خلال الحرب. إذ راكم الخبرات، ووسّع قدراته الصاروخية التي خسرها بالضربة الاولى، ما يجعله مستعدًا لردّ قاسٍ إذا ما فُرضت عليه المواجهة.
أكثر من ذلك، فإن أي حرب جديدة قد تمنح الحزب فرصة لاستعادة بعض التوازن الذي فقده في الاشهر الماضية في البيئة الإقليمية التي ينتمي إليها. ومن هنا، فإن أي قرار إسرائيلي بالذهاب إلى مواجهة مفتوحة، يجب أن يُوزن بدقة، لأن نتائجه قد تكون عكسية على المدى
الطويل .
ومع ذلك، يبقى عامل واحد غير محسوب بالكامل:
بنيامين نتنياهو . فالرجل الذي يواجه أزمات سياسية داخلية، قد يجد في التصعيد وسيلة للهروب إلى الأمام، عبر شدّ العصب
الإسرائيلي وفرض أولويات أمنية على الداخل، تُبعد الأنظار عن مشكلاته القضائية والسياسية. من هنا، يطرح السؤال نفسه: هل يفعلها
نتنياهو ويذهب إلى حرب غير محسوبة؟ أم يكتفي بإبقاء
لبنان في حالة استنزاف مستمر من دون حسم؟ الجواب لا يزال مفتوحًا، لكن المؤكد أن
لبنان بات في عين عاصفة أمنية مستمرة، قد تشتد في أي لحظة.