آخر الأخبار

بين بيروت ودمشق.. شبعا على طاولة الترسيم والضغوط الأميركية

شارك
في خضم التحولات المتسارعة في الإقليم، والضغط المتزايد لتثبيت الاستقرار على الحدود الجنوبية، طرحت الإدارة الأميركية عبر موفدها توماس باراك تصوراً سياسياً أمنياً جديداً للبنان، يتصل بإنهاء حالة النزاع مع إسرائيل في مقابل نزع سلاح حزب الله ، مع التزامات متبادلة وضمانات دولية تقودها واشنطن .

لم يحمل باراك، الذي ينتظر أن يصل إلى بيروت في 7 تموز المقبل، فقط رسالة ضغط بل مقترحاً واضح المعالم، يشمل خطوات متزامنة تشمل الجانبين اللبناني والإسرائيلي. فالمطلوب لبنانياً، بحسب مصادر سياسية مطلعة على فحوى اللقاءات، إعلان رسمي من الحكومة بحصرية السلاح بيد الدولة، وانتشار كامل للجيش في الجنوب بالتنسيق مع قوات اليونيفيل ولجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية. وفي المقابل، تلتزم إسرائيل بوقف الاعتداءات، وبالانسحاب من النقاط الخمس.

ورغم أن المقترح الأميركي لم يرفق بجدول زمني إلا أن باراك كان واضحاً في تحذيره من أن المهلة ليست مفتوحة، واللافت أن المقاربة الأميركية لا تنحصر بالملف اللبناني - الإسرائيلي . فباراك، الذي يضطلع أيضاً بمهام موازية في الملف السوري، دعا المسؤولين في بيروت إلى تعزيز التنسيق مع دمشق، خصوصاً في قضايا الترسيم الحدودي ومزارع شبعا، ما يفتح الباب أمام ترتيبات جديدة إضافية أمام لبنان .

ومع ذلك تبدو إسرائيل ماضية في ممارسة أقصى درجات الضغط على حزب الله، عبر تصعيد وتيرة الاغتيالات في المناطق الحدودية، وسط صمت إقليمي ودولي حذر. ومع ذلك، تسعى واشنطن إلى ضبط الإيقاع الإسرائيلي، وتضغط في الكواليس من أجل التهدئة، في مقابل تعهد لبناني علني بالتعامل مع ملف السلاح.

قراءة أبعاد التحرك الأميركي توحي بأن واشنطن تسعى لتثبيت واقع جديد في جنوب لبنان ، ومع أن حزب الله لم يبد حتى الآن موقفاً رسمياً من الطرح، فإن الثابت أن الملف دخل مرحلة تفاوض غير معلنة، مع تزايد الضغوط الميدانية والديبلوماسية.

ويبقى أن نجاح هذا المسار مرهون بإجماع لبناني غير متوافر حالياً، وبإشارات حسن نية من الجانب الإسرائيلي، الذي لم يظهر بعد أي مرونة تجاه ملف الانسحابات، رغم الضغط الأميركي.

في خضم هذا الحراك الدولي، برزت إشارة داخلية لها دلالاتها، تمثلت بموقف أطلقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ، الذي جدد الدعوة إلى حصر السلاح بيد الدولة، معتبراً أن مزارع شبعا أرض سورية، في موقف يفهم منه أنه يشكّك بجدوى استخدام هذا الملف كغطاء دائم لاستمرار سلاح حزب الله.

بدا جنبلاط ، الذي كشف عن تسليمه الأجهزة الأمنية ترسانة من السلاح الخفيف والمتوسط كانت بحوزة الحزب منذ أحداث 7 أيار 2008، كمن يقدم نموذجاً رمزياً للتسليم الطوعي للسلاح خارج سلطة الدولة، انسجاماً مع المسار الذي تدفع إليه واشنطن. لكن اللافت في توقيت تصريحه، أنه أتى في ظل تصاعد الضغوط الأميركية والدولية، وكأنه يوجّه رسالة إلى الداخل والخارج معاً: أن نزع السلاح ممكن، لكنه يحتاج إلى قرار سياسي واضح وضمانات تؤمّن التوازن الوطني، لا مجرد ضغوط أحادية أو رهانات على التحوّلات الإقليمية.

بهذا المعنى، يفهم موقف جنبلاط كنوع من التماهي الضمني مع الطرح الأميركي، أو على الأقل كمؤشر إلى وجود قوى داخلية مستعدة للتفاعل الإيجابي مع أي مبادرة دولية جدية تنهي حالة السلاح الموازي.
كما أن توقيت تصريحه لا يخلو من بعد تكتيكي، إذ بدا واضحاً أن جنبلاط أراد إحراج حزب الله في لحظة مفصلية، عبر طرح نموذج رمزي للتسليم الطوعي للسلاح، وفتح النقاش حول مزارع شبعا، وهو ما يضع الحزب في موقع الدفاع ويحرجه أمام الداخل والخارج، ويحرك الجدل حول شرعية استمرار امتلاكه للسلاح تحت شعار المقاومة .

لكن الأكيد أن ما بعد زيارة باراك لن يكون كما قبلها. فلبنان يدفع تدريجياً إلى طاولة تسويات كبرى، يكون فيها ملف السلاح عنصراً أساسياً، لا يمكن تجاوزه أو تأجيله بعد اليوم.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا