كتب ماهر سلامة في" الاخبار": سبع سنوات عجاف مرّت على
لبنان ، ضاعت خلالها فرص توزيع الخسائر والإصلاح التي كان يمكن أن تُعيد الدولة إلى دائرة الاستقرار والنهوض تمهيداً للازدهار.
خلال هذه المدة، انهارت كل الأسس التي بُني عليها
الاقتصاد السياسي اللبناني في فترة ما بعد
الحرب الأهلية ، وحملت معها تداعيات هائلة خسر الاقتصاد بموجبها 40% من ناتجه المحلّي، وقسماً كبيراً من احتياطاته بالعملة الأجنبية التي كانت تمثّل «القشّة» التي يمكن أن تعيد رسم المسار لو استثمرت بشكل صحيح. كذلك خسر المجتمع في هذه المدة فرصة الانتقال نحو نموذج جديد منتج. خسر لبنان الكثير في سبع سنوات عجاف.
في التقرير الأخير الصادر عن
البنك الدولي ، صدرت أرقام جديدة عن المؤشرات المرتبطة بما حصل في السنوات السبع. فقد توقفت عجلة النموّ المحلي، وباتت الخدمات التي تلبي الاحتياجات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية والتعليم عرضة للتردّي.
ولم تقف خسائر المدة ما بين 2018 و2025، عند حدود الأرقام فحسب، بل سُجِّل فيها تراجع ملموس في المستوى المعيشي اليومي.
وبحسب الصندوق، فإن الاقتصاد خسر نحو 52% من حجمه الحقيقي بين نهاية 2018 ونهاية 2024. في السنة الأولى سجّل انكماشاً بنسبة 1.9%، وفي الثانية 6.9%، و21.4% في الثالثة، و7% في الرابعة، و0.6% في الخامسة، و0.8% في السادسة، و7.1% في السنة السابعة. وضمن هذا الانكماش التراكمي، يظهر بحسب البنك أن القطاعات الأكثر تضرراً كانت الزراعة والتجارة والسياحة، التي شكّلت مجتمعة نحو 77% من الخسائر الاقتصادية منذ 2019. ولم ينجُ «القطاع الخارجي» من هذه الأزمة، وهو مصطلح تستخدمه المؤسسات الدولية للحديث عن العلاقة المالية للاقتصاد مع الخارج ويُقصد بها كل ما يندرج تحت ميزان المدفوعات من حساب جارٍ وميزان تجاري وحساب
رأس المال والحساب المالي. فبحسب البنك الدولي، ظلّ العجز في الحساب الجاري كبيراً رغم الأزمة وما شهدته من انهيار في القدرة الشرائية للعملة. والهدوء النسبي في سعر الصرف لم يُترجَم إلى زيادة في الإنتاج أو الصادرات، إذ لم تؤدِّ عمليات تراجع سعر الصرف الفعلية إلى تعزيز القدرة التنافسية للصادرات، نظراً إلى المشكلات البنيوية التي تعوق قطاع التجارة والصناعة في لبنان، بما في ذلك البنية التحتيّة المتداعية وشبكات الإنتاج المشتتة وضعف ربط القطاع الخاص بالأسواق الدولية، وهي كلها مسؤولية الدولة. والخطير هو أن التضخّم أصبح مدولراً، أي إن ارتفاع الأسعار في الاقتصاد أصبح بالدولار، وفي حين أن هذا التضخّم أصبح أقل حجماً، إلا أنه أصبح أكثر تأثيراً على معيشة اللبنانيين.