كتب ابراهيم بيرم في" النهار": مرّ 16 حزيران ولم تنطلق عملية سحب سلاح المخيمات الفلسطينية ، إنفاذا لقرار اتخذته الدولة اللبنانية قبل أسابيع ولقي دعما من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي حضر خصيصا من رام الله إلى بيروت لتوفير غطاء فلسطيني رسمي لهذه العملية التي تقرر أن تكون على مراحل.
اللافت
أن الدولة اللبنانية سارعت إلى تقديم سيناريو سلس وهادئ لتبرير تأجيل تنفيذ الخطوة التي راهن كثر عليها باعتبارها تمهيدا عمليا ونظريا لخطوة أكثر أهمية، وهي نزع سلاح "
حزب الله ".
وقد اعتمد إخراج هذا السيناريو على فرضية فحواها أن التأجيل فرضته ظروف قاهرة، لكن تجريد المخيمات من سلاحها قرار اتخذ ولا رجعة عنه. وأتى ذلك من خلال بيان صدر عن لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني قبل نحو 36 ساعة من الموعد المبدئي المقرر لحملة تجريد المخيمات، وجاء فيه أن رئيس اللجنة السفير السابق رامز دمشقية قد تلقى اتصالا من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد جرى خلاله التشاور في سبل إنفاذ قرار سحب سلاح المخيمات. وأكدت لجنة الحوار "تمسكها بما ورد في البيان المشترك الصادر سابقا، عن الرئاستين
اللبنانية والفلسطينية، والذي شدد على موضوع احترام السيادة اللبنانية ومبدأ حصرية السلاح بيد الدولة وضرورة إنهاء مظاهر السلاح الفلسطيني وفق جدول زمني معين".
وهكذا بدا واضحا أن السلطتين اللبنانية والفلسطينية أقرتا بعجزهما عن إنفاذ القرار المتفق عليه، وأنهما مضطرتان إلى تنظيم عملية التأجيل وإيجاد المخارج لذلك.
وبناء على هذه الوقائع المترابطة، ظهر واضحا أن ثمة تفاهما ضمنيا بين الدولة والسلطة الفلسطينية على تأجيل تنفيذ القرار.
الثابت أن عند الدوائر الرسمية المعنية في بيروت حجة تبرير جاهزة هي أن التطورات
العاصفة التي حدثت بفعل الهجوم
الإسرائيلي على
ايران فرضت تأجيل التنفيذ في موعده، لكن هذه الذريعة، على بلاغتها، لن تقدم ما يغطي على وقائع وعقبات أخرى حالت دون تنفيذ ما هو مقرر.
والحال أنه بعد أيام قليلة من مغادرة عباس بيروت، حضر إليها القيادي الفتحاوي المخضرم والمولج بالإشراف على الوضع الفلسطيني في
لبنان ، عزام الأحمد، مترئسا وفدا بمهمة واحدة هي رسم خريطة طريق داخل الوضع الفلسطيني في لبنان، تضمن تنفيذ القرار. وتذكر المعلومات أن أول ما اصطدم به الزائر هو الموقف غير المتجاوب من جانب كبرى الفصائل وأعرقها، وهي حركة "فتح"، إلى درجة أن العديد من كوادر الحركة قد حذروا من انشقاقات وتمردات إذا ما تقرر تنفيذ القرار بالقوة أو على الأقل من دون تفاهم بين كل المكونات الفلسطينية على هذا الأمر، لأن ذلك دونه عقبات كبرى.
وبناء عليه، لم يلبث الأحمد أن قطع مهمته على عجل وغادر بيروت مبلغا إلى إعلامها ما مفاده "أننا استعجلنا في إبرام اتفاق يصعب تنفيذه". وعاد إلى رام الله ليتصل من هناك بعد أيام بالسفير دمشقية ويبلغه بأن قيادته المركزية ترى ضرورة التأجيل.
ولأن الدولة اللبنانية لا يمكنها إطلاقا أن تمضي إلى عملية تجريد المخيمات وهي تفتقر إلى غطاء فلسطيني تؤمنه سلطة رام الله ومنظمة التحرير و"فتح "، فكان من الطبيعي أن تدخل العملية كلها طور التجميد الذي يرى فريق من المراقبين أنه سيضاف إلى قرارات سابقة وإجراءات مشابهة اتخذت سابقا، وتحديدا منذ عام 1991، وكان من السهولة التوصل إليها، لكن تنفيذها كان متعثرا.