آخر الأخبار

منتجات تجتاح الإعلانات… احذر أن تشتريها!

شارك
في السنوات الأخيرة، اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي موجةٌ عارمة من الإعلانات التجميلية التي تُروَّج على أنها الحل السحري لمشكلات البشرة، من حبّ الشباب إلى التصبغات والتجاعيد المبكرة. ورغم أن هذه المستحضرات لا تندرج في معظمها تحت مظلة المنتجات الطبية ، إلا أن الإقبال عليها في تزايد مستمر، مدفوعًا بزخم تسويقي ضخم يجعل من “البشرة المثالية” هدفًا يوميًا وأولوية قصوى لدى فئة واسعة من الناس.
لكن يُطرح سؤال جاد خلف الكواليس: هل نشتري ما نحتاجه فعلًا، أم ما يُملى علينا شراؤه من خلال الإعلانات؟
اللافت في هذا السياق أن غالبية هذه المنتجات لا تحتاج إلى وصفة طبية، بل تُباع في الأسواق والمتاجر الإلكترونية، ويُروَّج لها عبر مشاهير ومنصات مرئية بطريقة تجعل المستهلك يظن أن عدم امتلاكه لها يُعدّ تقصيرًا في “الاهتمام بالنفس”، أو دليلاً على إهمال قد يترك آثاره على صورته أمام الآخرين.
تؤكد طبيبة الأمراض الجلدية والتجميل الدكتورة سارة الخطيب أن عدد المراجعين الذين يلجأون إلى العيادات بعد استخدام منتجات غير موصوفة في ازدياد ملحوظ. وتشير إلى أن معظم هذه الحالات تُعاني من مشاكل سببها الأساسي هو الانسياق وراء توصيات غير مختصة.
وتوضح الخطيب أن “الكثير من المنتجات التي تُسوَّق اليوم لا تخضع لتجارب كافية، وتُباع كمستحضرات تجميلية، لا علاجية . والأسوأ أن بعضها يحتوي على مركّبات تتفاعل مع أنواع معينة من الجلد بشكل سلبي، ما قد يفاقم المشكلة بدل معالجتها“.
وترى أن الحل لا يكمن فقط في تقنين الإعلانات أو مراقبة المحتوى الترويجي، بل في رفع وعي الناس لضرورة استشارة طبيب الجلد قبل اعتماد أي منتج جديد، مهما كان مشهورًا أو مستخدمًا من قبل الآخرين.
وأكدت أن الإعلانات التجميلية باتت تقوم على استراتيجية تسويقية عاطفية، تقوم على زرع شعور بالنقص أو بعدم الكفاية، لتدفع المستهلك إلى اتخاذ قرار الشراء بدافع نفسي لا عقلاني. فحين تقول لك إحدى الإعلانات: “بشرتك تستحق الأفضل، لا تتركيها تُعاني”، فإنها لا تُعطيك معلومات، بل تُشعرك بأن هناك مشكلة ما يجب حلّها فورًا.
وأشارت الخطيب إلا أن الحملات الإعلانية كثيرًا ما تطمس هذا الفارق، فتُظهِر المنتج التجميلي وكأنه علاج فوري وفعال لمشكلة جلدية مزمنة، فيتم تداوله بين المراهقين والشباب من دون معرفة أو إشراف.
تقول سلمى، طالبة جامعية: “في البداية كنت أستعمل غسول وجه بسيط ونوعًا من الكريم المرطب، لكن بعد فترة بدأت أتابع حسابات مخصصة للعناية بالبشرة، وفوجئت بعدد الخطوات المطلوبة في روتين العناية! بدأتُ أشتري منتجات السيروم، والتونر، وكريمات الليل والنهار، فقط لأشعر أنني أعتني بنفسي مثلهم".
حالة سلمى ليست فردية. بل تعكس نمطًا استهلاكيًا جديدًا، ترسّخ بفعل التسويق، يُشجّع على شراء مستحضرات لا ضرورة لها، وربما لا تناسب طبيعة البشرة أصلًا. وهنا يكمن الخطر الحقيقي، أن يتحول المستهلك من شخص يُدير صحته، إلى شخص يُديره السوق.
ختاماً، العناية بالبشرة ليست أمرًا يُستهان به، فهي مرتبطة بالصحة والثقة بالنفس. غير أن ما يشهده السوق اليوم من تضخيم لمنتجات لا تستند إلى مرجعية طبية، يفرض على المستهلكين أن يكونوا أكثر وعيًا. فبين إعلان لامع ومراجعة طبية صامتة، هناك فجوة يجب أن تُملأ بالمعرفة، لا بالاندفاع. لأن الجمال الحقيقي، في نهاية المطاف، لا يُشترى بل يُبنى برفق، وعلم، ووعي.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا