ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أن "بينما يسعى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى تحييد حزب الله كقوة عسكرية في إطار جهوده لإعادة إعمار لبنان الذي مزقته الحرب، يتعين على الولايات المتحدة وإسرائيل تقديم دعمهما. ولكن يتعين عليهما أن يفعلا ذلك بمهارة دون إثارة رد فعل عنيف من شأنه أن يقوض عون، ومعه آفاق التغيير".
وبحسب الموقع، "إن الفرصة لإضعاف حزب الله بالكامل، والتي إذا لم تُغتنم فقد لا تتاح مرة أخرى، تأتي في أعقاب القرار الكارثي الذي اتخذه الحزب بشن جبهة ثانية ضد
إسرائيل في أعقاب هجوم حماس في السابع من تشرين الأول 2023. ولقد أدى الهجوم المضاد الذي شنته إسرائيل على حزب الله في الخريف الماضي إلى قطع رأس قيادات الحزب، وتركه في حالة من عدم الاستقرار والضعف إلى حد كبير. والسؤال الآن هو: هل ستُنفذ حكومة عون وعدها، أم ستُتيح لحزب الله المجال لإعادة بناء نفسه كقوة خطيرة وفتاكة؟ ولا شك أن المخاطر التي تواجه لبنان والمنطقة ستكون مرتفعة جداً".
وتابع الموقع، "حزب الله، الذي يُعتبر منذ زمنٍ طويل أقوى جهةٍ غير حكومية في
الشرق الأوسط ، هو فصيل مسلح وحزبٌ سياسي. وفي المناطق
اللبنانية التي يسيطر عليها كـ"دولةٍ داخل دولة"، يُدير حزب الله المدارس والمستشفيات ومؤسساتٍ اجتماعيةً أخرى. وحتى أيلول الماضي، كانت حزب الله الطرف الأقوى في "محور المقاومة"
الإيراني ، وهي شبكة من الفصائل المسلحة التي تساعد طهران على ممارسة نفوذها في مختلف أنحاء المنطقة وخارجها. لكن الزمن تغير بشكل كبير بالنسبة لكل من
إيران وحزب الله، مما يجعل خطوة عون ضد الحزب فرصة كبيرة لواشنطن والقدس والاستقرار الإقليمي".
وأضاف الموقع، "على مدار العشرين شهرًا الماضية، أثبتت إيران أنها مجرد نمر من ورق. لقد تركت أولى الاشتباكات العسكرية المباشرة مع إسرائيل، في نيسان وتشرين الأول من عام 2024، الدولة اليهودية سالمة إلى حد كبير، بينما تركت الجمهورية الإسلامية في حالة أسوأ بكثير. في غضون ذلك، أُطيح بحليف طهران الوثيق بشار
الأسد بشكل مفاجئ في كانون الأول. وفي الوقت عينه، نجحت إسرائيل في تدمير قدرة حماس على شن هجوم خطير آخر من غزة".
وبحسب الموقع، "يحاول عون الاستفادة من هذا الوضع. فلقد تعهد بنزع سلاح حزب الله وتطبيق مبدأ "احتكار الدولة للسلاح". وإذا نجح في ذلك، فسوف يوجه ضربة موجعة أخرى لإيران وشبكتها الإقليمية. من الواضح أن الرئيس اللبناني يُحرز تقدمًا، فالجيش، الذي كان أضعف بكثير من حزب الله قبل فترة ليست طويلة، يُفكك الآن مئات المواقع العسكرية ومستودعات الأسلحة التابعة للحزب قرب الحدود اللبنانية مع إسرائيل. وأفادت التقارير أن مئات من قادة حزب الله وعائلاتهم غادروا إلى أميركا الجنوبية. وفي محاولة واضحة لتقويض النفوذ السياسي لحزب الله، يقوم الجيش بإزالة اللافتات التي تحمل صور قادة حزب الله من شوارع
بيروت الرئيسية، ويعلق ملصقات جديدة تُعلن عن "عهد جديد"."
وتابع الموقع، "قدمت الانتخابات البلدية في أيار مؤشرات إضافية على تراجع حزب الله. ففي حين فاز مرشحو الحزب إما بالتزكية أو بفارق كبير عن منافسيهم في بعض المناطق، إلا أن الإقبال العام كان منخفضًا، مما يشير إلى تنامي "خيبة الأمل" من الحزب بين عامة الناس. وهذا أمر مفهوم، إذ إن أولئك الذين فقدوا منازلهم وأعمالهم التجارية بسبب الغارات الجوية
الإسرائيلية يشعرون بالاستياء من الدمار الذي أحدثه حزب الله بعد السابع من تشرين الأول. لكن يبدو أن عون متردد في الضغط بقوة. ومع رفض حزب الله للدعوات إلى نزع سلاحه، لم يضغط عون على قادته في هذا الشأن، ولم يربط المساعدات الحكومية للمناطق التي يسيطر عليها حزب الله بإلقاء الحزب لأسلحته، كما ويواصل عون أيضًا تعيين أفراد تابعين لحزب الله في مناصب رئيسية".
وأضاف الموقع، "هنا يأتي دور
واشنطن وتل أبيب. فكلاهما يريد نزع سلاح حزب الله، وبالنسبة لعون، لديهما الحوافز والوسائل العقابية لتحقيق ذلك. تصعد إسرائيل عملياتها العسكرية ضد حزب الله، حيث استهدفت مؤخرا العشرات من منشآت إنتاج وتخزين الطائرات من دون طيار التابعة له، ليس فقط في جنوب لبنان ولكن في الضاحية الجنوبية لبيروت. ولكن في جهودها لمنع إحياء حزب الله، ينبغي لإسرائيل أن تحرص على عدم إثارة ما يكفي من الاستياء بين الشعب اللبناني لحشد الدعم للحزب. وهذا مهم بشكل خاص لأن زعماء لبنان، مهما كانت خلافاتهم السياسية، متحدون في دعواتهم لإسرائيل بوقف عملياتها في بلدهم".
وبحسب الموقع، "في غضون ذلك، تضغط واشنطن على بيروت لنزع سلاح حزب الله بشكل كامل، وتتعهد بحجب المساعدات الأميركية والدولية حتى تحقيق الهدف. لكن يمكن للولايات المتحدة، على سبيل المثال، الضغط من أجل تحديد موعد نهائي لنزع السلاح بشكل كامل، وتقديم المعدات والدعم اللوجستي، إلى جانب الوعد بالمساعدة المالية، لمساعدة الجيش
اللبناني على أداء مهمته. إذاً،
الكرة اليوم في ملعب
عون. فمن ناحية، كلما نجح رئيس الجمهورية في نزع سلاح حزب الله، كلما شعرت إسرائيل بأنها أقل اضطراراً إلى تقليص قدراته بمفردها. علاوةً على ذلك، يمكن لعون أن يطمح إلى ما هو أبعد من ذلك. فإذا كان جاداً بشأن بناء "عصر جديد" لأمته، فيمكنه أن يدفع باتجاه تغيير القوانين القديمة التي تحظر الاتصال المباشر بين شعب لبنان وشعب إسرائيل، مما يمهد الطريق لتقليل التوتر على جانبي حدودهما المشتركة".