كتب عماد مرمل في" الجمهورية": بعد العدوان
الإسرائيلي الأخير والواسع على الضاحية الجنوبية، نبّهت
قيادة الجيش في بيان لافت إلى أنّ «إمعان القوات
الإسرائيلية في خرق اتفاقية وقفالأعمال العدائية، ورفضها التجاوب مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، ما هو إّ لّا إضعاف لدور اللجنة والجيش، ومن شأنه أن يدفع
المؤسسة العسكرية إلى تجميد التعاون مع تلك اللجنة في ما خصّ الكشف على المواقع».
بدا واضحاً أنّ هذا البيان انطوى على نبرة تحذيرية هي الأولى من نوعها فيأدبيات المؤسسة العسكرية منذ التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي، ما يعكس حجم الاستياء الذي ساد قيادة الجيش عقب غارات الخميس، بعدما شعرت أنّه يُراد لها أن تكون شاهد زور على انتهاكات
الاحتلال للاتفاق والسيادة
اللبنانية .
ويكشف العارفون، أنّ قيادة الجيش قرّرت اعتماد لهجة مرتفعة في مخاطبة مَن يعنيهم الأمر، لأنّه لم يكن في إمكانها البقاء مكتوفة والتغاضي عن الحجم الواسع للاعتداء الأسرائيلي الذي شكّل إحراجاً مباشراً لها، خصوصاً أنّه كان الأعنف منذ الإنتهاء «النظري » للحرب، وأصابت شظاياه آلية المراقبة المتوافقعليها، وسط تجاهل الاحتلال لها في كثير من الأحيان.
وتبعاً لمصادر رسمية واسعة الاطّلاع، أنّ
تل أبيب أرادت عبر غاراتها العنيفة ليس فقط الضغط المباشر على
الدولة اللبنانية في ملف سحب سلاح «
حزب الله » وإنّما أيضاً الإبلاغ إلى الجانب الأميركي أنّها منزعجة من الواقع الحالي، وأنّ المطلوب منه زيادة الضغط على رئيس الجمهورية وقائد الجيش للاستعجال في نزع السلاح. وتعتبر المصادر الرسمية أنّ من حق الجيش التلويح بوقف التجاوب مع آلية المراقبة إذا أصرّت قوات الاحتلال على الاستمرار في عدم احترامها أو على تطبيقها انتقائياً، وبالتالي فإنّ البيان الذي صدر عنه في هذا الإطار يندرج ضمن صلاحياته،خصوصاً أنّه يُشكّل جزءاً عضوياً من تلك اتهام بعض الأصوات للجيش بأنّهصَادَر دور السلطة السياسية، ذلك أنّه لم يُهدِّد الآلية، مستغربة بالانسحاب من لجنة الإشراف في حدّ ذاتها وهذا من اختصاص المستوى السياسي، وإنّما هدّد بتعليق انخراطه في آلية المراقبة وهذا إجراء تنفيذي يتصل به.
وتشدّد المصادر على أنّ هناك تماهياً بين موقفَي رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية، لافتة إلى أنّ الجيش يعرف دقة المرحلة، وهو أعطى فرصة جديدة لإنجاح مهمّة «الميكانيزم » من خلال مبادرته أمس إلى الكشف مجدّداً على الموقع نفسه الذي سبق أن عاينه الخميس في المريجة، بعدما أصرّ العدو على أنّ أنشطة عسكرية تجري تحت الأرض، ليتبيّن عقب الحفر والرصد عدم صحة هذه الشبهة. وتوضّح المصادر، أنّ الجيش رفع البطاقة الصفراء بواسطة بيانه الأخير،
على أمل أّلّا يضطرّ إلى إشهار البطاقة الحمراء إذا تكرّرت «الفاولات »الإسرائيلية في «منطقة الجزاء » اللبنانية من دون أن تحرّك لجنة الإشراف ساكناً.