"الهرب سيراً على الأقدام كان السبيل الوحيد".. بهذه العبارات تحدّث " أبو حسن " عن لحظات الخوف والرعب التي شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت، ليل الخميس، حينما هاجمت الطائرات الإسرائيلية عدداً من المباني هناك ودمرتها.
لا يمكن لـ"أبو حسن" أن يصف لحظات الشعور الصعبة التي عاشها حينما اتصلت به شقيقته وأبلغته بأن المبنى الذي تقطنه مهدد بالقصف، لكنه يقول: "الكلمة الوحيدة التي نطقنا بها للحظة الأولى ومن دون أي مقدمات هي: اهربوا بسرعة".
من
منطقة الجناح ، انطلق "أبو حسن" نحو الضاحية لملاقاة شقيقته، وهناك كانت كل الطرقات مُقفلة، فيما البلبلة تسودُ أوساط الضاحية التي كانت يوماً ما "قلعة حصينة" استعادت نفسها بنفسها لاسيما بعد حرب
تموز عام 2006 رغم الدمار.
"الناس في الشوارع.. وجوه تائهة.. الجميع يركض.. الخوف سيد المكان".. هذا ما قاله "أبو حسن" حينما أراد وصف مهشدية الوضع لحظة انتقاله من الجناح إلى الضاحية، قائلاً إنه رغم كل المعاناة، استطاع أن يلاقي شقيقته قرب
الغبيري للانطلاق والذهاب بعيداً والنجاة.
ما عاشه "أبو حسن" وشقيقته يمثل حال الكثيرين من أبناء الضاحية الذين باتوا الآن بلا منازل بعدما قصفت
إسرائيل 9 مبان تضم عشرات الشقق السكنية.
المفارقة أيضاً أن حالة الخوف لم تسيطر فقط على من يقطنون داخل الضاحية، بل أيضاً على المواطنين الذين كانوا يقطنون في المناطق الأخرى، فيما السؤال الأبرز الذي برز على مجموعات "الواتسآب" هو التالي: "كم ضربة بعد فيه؟ خلص القصف؟"، وفق ما يقول "أبو حسن".
كل اللحظات التي مرّ بها سكان الضاحية لم تمنع الكثيرين من العودة فور انتهاء الغارات لتفقد ممتلكاتهم ولملمة ذكرياتهم. صباح الجمعة، أي فجر
عيد الأضحى ، كانت الضاحية تعج بالمواطنين، خصوصاً في أماكن الضربات، بينما رائحة البارود تملأ المكان.
"رح ترجع تعلق الحرب"؟ سؤال نطقت به الشابة فاطمة برو التي تحدثت بـ"أسى" عما حصل في منطقتها، وتقول: "منزلنا بعيد عن مكان الضربات، لكن الخوف سيطر على الجميع. ليل الضاحية لم يكن كنهارها، فيوم الخميس كان نابضاً في الحياة وفجأة انقلب المشهد رأساً على عقب".
وتابعت: "الجميع تابع بقلق ما يجري، لكننا نقول إننا لن نترك الضاحية وسنعيد بناءها.. منذ انتهاء الحرب والأمل كبير بإحياء ما تدمّر.. يظنون أننا سنسقط، لكننا نقول إن هذا الأمر بعيد جداً".