آخر الأخبار

إنذار مبكر لدولة ناشئة!

شارك
كتب نبيل بو منصف في" النهار": ليس ثمة مغالاة إطلاقا إن صارت دعوات لبنان ، بدولته الناشئة منذ بداية عهد الرئيس جوزف عون إلى التشبه بالسلطة الانتقالية في سوريا ، مثار تشاؤم لدى كثيرين من اللبنانيين.
أولا، هذا الجاري في سوريا إلى حدود "سماح" الإدارة الأميركية لأحمد الشرع بضم عشرات ألوف المقاتلين الأجانب إلى جيش سوري وطني ناشئ، يشكل أسوأ الأنماط على براغماتية أميركية مستعجلة فبركة السلطة الجديدة.
وثانيا، نتساءل كيف يجري انهمار الدعم الغربي والسعودي والخليجي على سوريا فيما لا تتوقف فيها المجازر الطائفية والعرقية بعد، وكأن الحرب الأهلية في أوجها؟ لذا تتجه اهتمامات اللبنانيين فورا إلى أول ما يعنيهم من هذا التفجر الهائل في التناقضات الدولية، وهو تدفق عشرات ألوف النازحين السوريين بوتيرة يومية من الساحل السوري إلى الشمال اللبناني وعكار خصوصا، على ما تكشف وتثبت تقارير المفوضية الأممية للاجئين بالأعداد والأرقام الدقيقة.


بإزاء ذلك، لا ترانا نفهم كيف يسكت الحكم والحكومة وسائر المكونات السياسية والحزبية المتباهية يوميا بإغداق المديح على الحكم الانتقالي في سوريا وداعميه الدوليين والخليجيين، عن إغراق لبنان بمزيد من عطايا الكارثة التهجيرية للسوريين، بعدما صمّت آذاننا بأناشيد الأخوة الجديدة الصاعدة على أنقاض الخلاص من النظام الأسدي البائد. وإذا كان لنا أن نتوغل أكثر في عمق هذه الظاهرة الخطيرة، فهي لا تكشف تحولا دوليا وإقليميا متدرجا لمصلحة إيلاء الملف السوري الأولوية على حساب لبنان فحسب، بل تتكشف عن وهن عضوي مبكر جدا في مسار العهد والحكومة في لبنان "الدولة الناشئة"، بحيث يخشى أن يلتحق مسار التخلص من كارثة النزوح واللجوء السوري في لبنان بمسار نزع سلاح " حزب الله " إياه. ففي كلا الملفين يفتقر لبنان بشدة إلى استراتيجية شاملة تعكس وحدة الحكم والدولة، في أخطر ملفين سياديين ذات طبيعة شديدة التأثير على إعادة بناء الدولة والأمن الحدودي والسلم الأهلي سواء بسواء.
لم تحمل الأيام الأخيرة مشهدا مشرقا للبنانيين وهم يعاينون معالم تقهقر من شأنه أن يولّد خيبات مبكرة للغاية لدى الطامحين إلى رؤية مسار حكم مختلف عن كل الحِقَب المخزية السابقة. تتراكم على سطح الدولة الطالعة أعراض التعثر والتراجعات في مقاربات التعيينات التي تفوح منها المحاصصات، كما في مقاربات السيادة التي تلوح منها المسايرة المفرطة للثنائي الطامح إلى إعادة تعويم ورقة تسلطه، وفي مقاربات التباينات وتجاوز الصلاحيات وسواها مما لا يرى وراء أكمة العلاقات الرئاسية الحكومية، ناهيك بتخبط غير مفهوم في ارتجال إجراء ضريبي سارع وزراء إلى غسل أيديهم منه في ما يثير السخرية حيال هذه الشعبوية. ليس إيراد هذه النماذج إلا ضرورة حيوية عاجلة لاستدراك المعالم المبكرة لانحراف في مسار دولة بالكاد أقلعت نحو جبل من الأهداف الإصلاحية المشروعة التي تعهدت بالتزامات قاطعة تحقيقها. لذا لم يكن مشهدا مشرقا إطلاقا أن يغدو ترميم علاقات أركان السلطة ومراضاة الساخطين منهم العنوان الطاغي على المشهد الداخلي، فيما تتفتق من حولنا معالم تحولات لا تحمل الاستبشار للبنان إذا ظل أو عاد إلى سابق آفات السلطة لجهة المساهمة في تغييبه عن ولائم الصفقات الخارجية على حسابه. ولا نعتقد أننا في حاجة إلى مثل النافخ على اللبن لأن الحليب كواه!!
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا