كتب عماد الشدياق في" نداء الوطن":تمّت حكومة الرئيس نواف سلام الأسبوع الفائت يومها المئة. مضى قرابة 25 % من عمرها ولا إنجازات تُذكر حقّقتها، ما خلا الانتخابات البلدية التي انتهت الأسبوع الفائت، وشابتها بعض الأخطاء خصوصاً في الشمال ، بالإضافة إلى تعديل مادة يتيمة في قانون السرّية المصرفيّة.
يوم نالت الحكومة الحالية ثقة مجلس النواب، مطلع شهر شباط الفائت، اعتبر أغلب المراقبين أنّ مهمّتها تنطلق من عنوانَين:
1. تنفيذ الإصلاحات.
2. تطبيق القرار 1701.
لكن يبدو أنّ الطريق أمامهما متعثّر، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، بحيث ستشكّل الإصلاحات حملاً ثقيلاً على كاهل الأحزاب وكل نائب يطمح إلى الترشح مجدّداً باعتبار أن تلك الإصلاحات (أي إصلاحات جدّية) ستؤدي إلى إغضاب الناخبين ولهذا سيفضّل المرشّحون تحاشيها.
أما القرار 1701، فهو الآخر يراوح مكانه بعد أن تحوّل إلى مادة سجالية، أو "كرة نار" يتقاذفها طرفا النزاع: "حزب اللّه" يتّهم
إسرائيل بعدم الانسحاب من النقاط الخمس وزادت شهيّته على التهرّب من التزامات اتفاق وقف إطلاق النار، بينما إسرائيل تُصرّ على البقاء في تلك النقاط، وترفض الانسحاب منها قبل سحب كامل سلاح "الحزب"... وبين هذا وذاك تقف السلطة عاجزة، خصوصاً مع تلاشي أغلب الوعود بالمساعدة وإعادة الإعمار.
وسط هذا الانسداد السياسي والتعطيل المُمنهج، تتصرّف الحكومة وكأنّها لا تزال في مرحلة "جسّ النبض"، أو أنّها تحكم بلغة الانتظار: لا خطة اقتصادية واضحة، ولا مسار مالياً مقنع، ولا حتى خطاب سياسي يشي بأننا أمام سلطة تنفيذية تعرف
إلى أين تسير.
أما التعيينات التي لطالما اعتُبرت مؤشراً على قدرة أيّ حكومة على ضبط إيقاع المؤسسات، فلا تزال رهينة المحاصصة والتّجاذبات، حتّى داخل الفريق الحكومي نفسه. ولهذا تبدو كمن يشتري الوقت، تُكثر من الاجتماعات وتُقلّل من القرارات، وإن أصدرت شيئاً فغالباً ما يكون بلا أثر تنفيذيّ فعليّ. بينما الملفّات الكبرى، مثل هيكلة القطاع المصرفي أو الاتفاق مع
صندوق النقد الدولي ، فلا تزال على رفّ الانتظار، حيث تراكمت وعود الحكومات السابقة واندثرت.
ثمّة من يقول إنّ حكومة الرئيس
نواف سلام "أُفرغت من مضمونها". في حينه، استُقبل الرئيس نواف سلام داخلياً وخارجياً كـ "واجهة إصلاحية"، لكنّه لم ينجح في تثبيت هذه الصورة على الأرض: فلا هو استمال الكُتل السياسية، ولا حتى اصطدم بها منذ البداية بالجرأة الكافية. اختار التموضع في منطقة رمادية طمح من خلالها ومنذ البداية، إلى عدم خسارة أحد، وهو تموضع عادةً ما ينتهي بفقدان الجميع.
أما الشارع، الذي انتظر على مضض ليرى ثمار الحكومة الجديدة، فقد بدأ يسقط من يده ورقة الأمل الأخيرة. لا الكهرباء عادت، ولا الليرة استعادت بعضاً من توازنها، ولا العدالة اقتربت من المحاسبة. ما خلا محافظ الشمال
رمزي نهرا الذي أعفي من مهامه (على فضائحه السابقة) بعد فضيحة الانتخابات في الشمال التي يتحمّل وزرها
وزير الداخلية بشخصه.