شكّل فوز " الثنائي الشيعي "(حزب الله وحركة أمل) في الانتخابات البلدية في كل القرى ذات الغالبية الشيعية ، محطة سياسية لافتة تتجاوز حدود المجالس المحلية إلى عمق المشهد السياسي اللبناني. فقد تمكّن الثنائي من إحكام قبضته على جميع المجالس البلدية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية حيث الغالبية الشيعية، وسط غياب فعلي لأي منافسة جدية من داخل البيئة الشيعية. وهذه النتيجة لا يمكن قراءتها فقط من زاوية البلدية، بل هي مؤشر واضح على استمرار الهيمنة الشعبية للثنائي داخل الطائفة الشيعية.
أولى دلالات هذا الفوز هي تجديد الثقة الشعبية بقيادة الثنائي، على الرغم من نتائج الحرب و الأزمات الاقتصادية الخانقة. اذ تم منح الثنائي شرعية جديدة، ما يدل على ان العلاقة بين الحزبين وجمهورهما، مستمرة اقله للاشهر المقبلة، كذلك يدل على ضعف البدائل القادرة على خوض معركة سياسية جدية.
ثانيًا، تعكس النتيجة هشاشة
المعارضة الشيعية الداخلية، إذ لم تتمكن القوى المستقلة أو مجموعات
المجتمع المدني من تشكيل لوائح فاعلة أو تهديد الحضور التنظيمي والسياسي المتماسك للثنائي. حتى في القرى التي شهدت بعض التنافس العائلي، بقيت النتيجة محسومة، ما يدل على سيطرة الثنائي على مفاصل القرار المحلي.
ثالثًا، يعزز هذا الفوز موقع
حزب الله وحركة أمل على المستوى الوطني. فبينما تعاني الساحة السياسية
اللبنانية من الانقسامات، يظهر الثنائي كقوة منظمة ومنضبطة وقادرة على إدارة جمهورها وترسيخ حضورها، ما يمنحه ثقلاً إضافياً في أي مفاوضات مقبلة، سواء في ما يخص
قانون الانتخابات أو إعادة تشكيل السلطة او اي مسألة اخرى.
أما على الصعيد الخارجي، فالفوز يحمل رسالة واضحة: لا يمكن عزل حزب الله أو إضعافه عبر بوابة الداخل الشيعي، لأنه لا يزال يحتفظ بقاعدة شعبية راسخة. وهذا يُضعف أي رهان على تحولات داخلية جذرية في هذه البيئة من دون تغييرات إقليمية كبرى.
أظهرت الانتخابات البلدية أن الثنائي الشيعي لا يزال الطرف الأقوى في بيئته، وأن التوازنات السياسية في
لبنان ستبقى خاضعة لوزنه وحضوره، ما لم تُحدث تطورات مفصلية تغيّر قواعد اللعبة الداخلية بشكل غير محسوب.