خلال الساعات القليلة المقبلة، تُختتم
الانتخابات البلدية في
لبنان ، وسط اهتمام شعبي وسياسي واسع، في استحقاق يُعد الأول منذ سنوات. النتائج المنتظرة ستُظهر، من دون شك، أن "حــزب الله" لا يزال يمسك بقوة ببيئته، بل إن المعطيات الأولية تُشير إلى أنه بات أكثر تجذرًا في ساحته، رغم كل التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي شهدتها البلاد في السنوات الماضية.
لكن ومع طي صفحة هذا الاستحقاق، فإن البلاد لن تدخل مرحلة استراحة، بل ستكون على موعد مع اشتباك سياسي جديد يُنتظر أن يحتدم تدريجياً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة. فملف سلاح الحــزب سيعود إلى الواجهة كعنوان أساسي للجدل السياسي الداخلي، حيث يتوقع أن يعتمده خصومه وسيلةً لاستنهاض قواعدهم وشدّ العصب الشعبي من جهة، ومحاولة إعادة رسم الاصطفافات السياسية من جهة أخرى.
هذا التصعيد المرتقب ليس فقط مرتبطًا بالحسابات الداخلية. فالمؤشرات الآتية من الخارج، وتحديدًا من
الولايات المتحدة ، تؤكد أن سلاح الحــزب سيكون العنوان الأول للضغوط الأميركية على لبنان في المرحلة المقبلة. وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل ما صدر عن المبعوثة الأميركية
مورغان أورتاغوس ، التي أطلقت مواقف حادة تعبّر عن توجه أميركي أكثر صرامة حيال سلاح الحـزب ودوره في الداخل اللبناني.
أمام هذا المشهد، يبدو أن البلاد متجهة نحو مرحلة اشتباك سياسي حقيقي، لا سيما مع تداخل العوامل الإقليمية والدولية وتأثيرها على الداخل اللبناني. غير أن الحــزب، الذي يخرج من الانتخابات البلدية وهو أكثر رسوخًا في بيئته، سيكون في موقع أقوى في التعامل مع هذا الاشتباك. فثباته الشعبي سيمنحه هامشًا أوسع للمناورة والرد على الهجمات السياسية والإعلامية.
في الوقت ذاته، لا يمكن فصل ما يجري في لبنان عن المسار الإقليمي الأشمل. فالمفاوضات
الإيرانية – الأميركية، التي يُعمل عليها بهدوء رغم التصعيد العلني، قد تشكّل البوصلة الحقيقية لتحديد اتجاه التطورات في لبنان والمنطقة. فإذا حصل تقدم في هذا المسار، فمن المرجح أن تنخفض حدة الاشتباك الداخلي، أما إذا تعثرت، فلبنان سيكون أمام تصعيد متواصل قد يطول حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة.
باختصار، طويت صفحة الانتخابات البلدية، وبدأت مرحلة سياسية جديدة عنوانها "الاشتباك حول السلاح"، لكنها مرحلة يدخلها الحــزب بثقة أكبر وبزخم شعبي أثبتته صناديق الاقتراع.