نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريراً جديداً تحدثت عن الدروز في سوريا والعالم العربي، متطرقة إلى واقعهم لاسيما في ظل الأضواء المسلطة عليهم الآن في ظل الأحداث التي تشهدها سوريا وتحديداً منطقة السويداء.
ويقول التقرير إنه "مثل غيرهم من المجموعات العرقية والدينية في المنطقة، كالأكراد، ينتشر الدروز في العديد من البلدان، وهم يتحدّثون اللغة العربية، كما أنهم يشغلون مكانة خاصة في العالم العربي والمُجتمع
الإسرائيلي ".
وتابع: "يبلغ عدد الدروز في مختلف أنحاء العالم نحو 2 مليون نسمة، غالبيتهم في
الشرق الأوسط (بلاد الشام)، منهم نحو 150 ألف نسمة
في إسرائيل . وعلى النقيض من الإسرائيليين العرب، فإنّ الدروز، مثل اليهود، يخضعون للخدمة العسكرية الإلزامية".
وأكمل: "أمّا في سوريا، التي أصبحت فريسة مُتزايدة للعنف بين عدّة طوائف، فالدروز لا يُمثّلون سوى أقل من 3% من إجمالي السكان، لكن بتعداد كبير نسبياً يبلغ نحو 700 ألف نسمة، بما في ذلك في
الجولان السوري المُحتل. وفي
لبنان يُمثّل الدروز نحو 6% من السكان أو حوالي 400 ألف نسمة. كذلك، فإن الدروز يتواجدون في الأردن بتعداد يبلغ نحو 40 ألف شخص".
ويشير التقرير إلى أنّ الدروز ضمنوا قدراً من الاستقلالية والحياد في اتخاذ القرار في لبنان وسوريا، لكنه قال إن "الدروز في
إسرائيل ينشطون في الحياة العامة ويخضعون للتجنيد الإجباري منذ عام 1956"، وأردف: "في الواقع، لأكثر من 40 عاماً، كان لدى الجيش الإسرائيلي وحدة مشاة درزية تُسمى هريف، أو كتيبة السيف".
ويتناقض هذا الوضع مع وضع العرب الإسرائيليين، المعفيين من الخدمة العسكرية. ومنذ ذلك الحين فقد دخل الدروز مع إسرائيل في ما يُشبه "ميثاق دم"، ففي مقابل مُشاركتهم في العمل الحربي، منحتهم السلطات
الإسرائيلية الحماية وشكلاً من أشكال الحُكم الذاتي، الذي صادق عليه الكنيست في عام 1963.
تمادي بذريعة حماية الدروز
ومنذ سقوط
الرئيس السوري بشار الأسد في كانون الأول الماضي، قامت إسرائيل، من خلال شخصيات من هذا المُجتمع تُقيم هناك، بالعديد من الإيماءات الانفتاحية تجاه الدروز السوريين.
وفي شباط 2025، جاء أوّل تحذير من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من أنّه "لن يتسامح مع أي تهديد للمُجتمع الدرزي في جنوب سوريا، من قبل
قوات الأمن الجديدة في البلاد"، وصولاً إلى قصف مُحيط
القصر الرئاسي في
دمشق قبل أيام، وشنّ سلسلة من
الغارات ضدّ أهداف عسكرية مختلفة في سوريا.
وحول ذلك، اعتبر الكاتب مارك هنري في "لو فيغارو" الفرنسية، أنّ إسرائيل تتمادى وتتصرّف وكأنها في أرض مفتوحة في جنوب سوريا، حيث يُبرر نتانياهو هذا التدخل من منطق تقديم نفسه كمُدافع عن الأقلية الدرزية
السورية ، إذ يقوم الجنود الإسرائيليون بدوريات بالقرب من القرى الدرزية في المنطقة، ووفروا المساعدات الغذائية لسكان السويداء، وتمّ نقل عشرات الجرحى من الدروز جراء الاشتباكات الأخيرة إلى مستشفى في صفد شمال إسرائيل، فضلاً عن استقبال الزيارات الدينية.
إضعاف دمشق
وحسب هنري، يُمكن تفسير هذه الاهتمام الإسرائيلي تجاه الطائفة الدرزية جزئياً، بوجود الآلاف من الدروز الذين يُؤدّون خدمتهم العسكرية، وذلك على عكس المواطنين العرب
المسلمين أو
المسيحيين ، الذين لا يُطلب منهم ارتداء الزي العسكري الإسرائيلي.
ويُنبّه الكاتب الصحافي في "لوبينيون" إيمانويل ماجيد، المُختص في الجغرافيا السياسية، إلى أنّ إسرائيل تُشجّع الدروز في سوريا على التصرّف كأقلية طائفية تُطالب باستقلالها، وذلك بهدف تأجيج نيران الانقسامات الطائفية لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.
(24)