في لحظة طال انتظارها فتحت
الإمارات العربية مجدداً الأبواب أمام سفر مواطنيها إلى
لبنان ، واضعة بذلك حجر الأساس لمرحلة جديدة من التلاقي بين شعبين تربطهما أواصر تاريخية متجذرة. القرار الذي يدخل حيّز التنفيذ في 7 أيار 2025، لا يقتصر على إعادة حركة الطيران فقط، بل يعتبر رسالة واضحة تؤكد عودة الثقة والانفتاح على تعاون اقتصادي وسياحي واعد بين البلدين. هذه الخطوة تأتي تنفيذاً لتوجيهات
الشيخ محمد بن زايد آل
نهيان ، في سياق تعزيز أواصر التعاون والأخوة بين البلدين. وجاء الإعلان بعد زيارة رسمية أجراها رئيس الجمهورية العماد
جوزاف عون إلى أبوظبي، حيث التقى بن زايد وبحث معه سبل تعزيز التعاون
الثنائي . وأسفرت المحادثات عن اتفاق الطرفين على استئناف حركة السفر وتفعيل الآليات اللازمة لضمان سهولة التنقل وسلامة المواطنين من الجانبين.
ولتأمين التواصل المستمر وضمان سلامة المسافرين الإماراتيين، شددت "الخارجية
الإماراتية " على ضرورة التسجيل الإلزامي في خدمة "تواجدي" قبل السفر إلى لبنان، سواء من
الإمارات أو من دول أخرى. كما أكدت أن مغادرة المنافذ دون استكمال هذه الإجراءات سيعرض المسافر لتعليق السفر والمساءلة القانونية. وطلب من المواطنين تعبئة بيانات دقيقة تشمل مكان الإقامة، وأرقام الطوارئ، وأسباب الزيارة.
يتطلع لبنان إلى تعاون أكبر مع الإمارات في مختلف المجالات بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.ويرى مراقبون أن إعادة فتح قنوات السفر بين البلدين تشكّل دفعة مهمة للقطاع السياحي اللبناني، الذي يعوّل على الزوار الخليجيين، خصوصًا في مواسم الصيف. كما أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام فرص جديدة للاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين، إضافة إلى تسهيل حركة رجال الأعمال والشركات
اللبنانية العاملة في الإمارات.
القرار
الإماراتي برفع الحظر عن السفر إلى لبنان يتوقع أن يحمل تأثيرات إيجابية ملموسة على الاقتصاد اللبناني، لا سيما في القطاع السياحي، الذي يعتمد بشكل كبير على الزوار من
دول الخليج . وفي هذا السياق، يرى رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية
ايلي رزق لـ"
لبنان24 "، أن هذه الخطوة ستنعكس بشكل مباشر على تنشيط الحركة السياحية في لبنان، خاصة في ظل استعدادات البلاد لاستقبال موسم صيفي واعد. كما أشار رزق إلى أن إعادة فتح قنوات السفر سيساهم في توسيع دائرة الاستثمارات اللبنانية في دول
الخليج ، بما في ذلك تسهيل عمل الشركات اللبنانية هناك.
إلى جانب الأثر المباشر على السياحة، يتوقع رزق أن يسهم القرار أيضاً في توفير المزيد من فرص العمل للشباب اللبناني، سواء في الداخل أو في سوق العمل الإماراتي، مما سيؤدي بدوره إلى زيادة حجم التحويلات المالية من المغتربين اللبنانيين. هذه التحويلات ستلعب دوراً حيوياً في دعم احتياجات المصرف المركزي اللبناني من العملات الأجنبية، وهو ما من شأنه أن يساهم في تعزيز الاستقرار النقدي والاقتصادي للبلاد.
وفي ظل عودة العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي، يتطلع لبنان، بحسب رزق، كذلك إلى استقطاب الاستثمارات الإماراتية في عدد من القطاعات الحيوية، مثل الكهرباء، الاتصالات، الطاقة المتجددة، المواصلات، والمرافق الجوية والبحرية، إضافة إلى القطاعات الخاصة كالقطاعين الفندقي والعقاري. هذه الاستثمارات من شأنها أن ترفد الاقتصاد اللبناني بعوامل دعم إضافية، وتساهم في إطلاق مشاريع تنموية تضع البلاد على سكة النمو المستدام.
والأكيد، بحسب رزق، أن هذه التطورات تأتي في لحظة محورية من تاريخ لبنان، الذي يسير بخطى ثابتة نحو استعادة ثقة
المجتمع الدولي ، وعودته إلى حضنه العربي، خاصة بعد أن لمس العالم جدية
العهد الجديد برئاسة العماد
جوزاف عون والحكومة اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وتطبيق
القرار الدولي 1701 بكامل مندرجاته، بما يشمل حصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية.
مع عودة حركة السفر بين الإمارات ولبنان، تتعزز فرص البلدين لفتح صفحة جديدة من الشراكة المستدامة والتعاون البناء، في وقت يتطلع فيه لبنان إلى إعادة تثبيت حضوره في محيطه العربي واستقطاب الاستثمارات التي تعيد تحريك عجلة الاقتصاد الوطني. ويُجمع المراقبون أن هذه الخطوة، بما تحمله من رمزية سياسية وأبعاد اقتصادية، تشكّل فرصة ثمينة للبنان لترسيخ الاستقرار واستعادة ثقة المجتمعين العربي الدولي. وبينما يستعد المسافرون والقطاعات الاقتصادية لاستثمار هذا القرار، تبقى الأنظار متجهة نحو ترجمة هذه الانطلاقة إلى مشاريع ملموسة تصب في مصلحة الشعبين الإماراتي واللبناني، تحت عنوان واضح: شراكة، استقرار، استثمار ونمو.