آخر الأخبار

الحماسة تغيب عن الانتخابات البلدية.. هل تكون التزكية سمتها الأبرز؟!

شارك

يفترض أن تنطلق الأحد المقبل الانتخابات البلدية والاختيارية في جولتها الأولى، في محافظة جبل لبنان ، حيث يؤكد المعنيّون استكمال التحضيرات اللوجستية لتأمين سيرها في جوّ هادئ ونزيه. لكن، إذا كان منطق الأمور المعتاد يفترض ألا "يعلو صوت فوق صوت المعركة"، قبل أيام قليلة من الموعد المقرّر للاستحقاق، فإنّ الواقع على الأرض لا يوحي بذلك، حتى الآن على الأقلّ، حيث تكثر الشكاوى من "رتابة" المشهد، إن صحّ التعبير.

باختصار، يمكن القول إنّ "الحماسة" تبدو "الغائبة الأكبر" عن الاستحقاق البلدي المُنتظَر، أو على الأقلّ هذا ما توحي به الأجواء مع بدء العدّ العكسي لجولته الأولى، على الرغم من حركة "خجولة" تسجّلها بعض المناطق، حيث رُصِد عدد "محدود" من المهرجانات الانتخابية ، وحيث بدأت المؤشّرات تتصاعد حول بعض "المعارك" التي تبدو في غالبها الأعمّ "باردة"، لا " حامية "، وهي "معارك" تتداخل فيها الجوانب السياسية مع التنموية والعائلية.

على النقيض من ذلك، ثمّة من يعتقد أنّ "التزكية" تبدو السمة الأبرز لهذه الانتخابات، ففي جبل لبنان مثلاً، تجاوز عدد البلديات التي فازت بالتزكية الستّين، بحسب ما أعلن المحافظ القاضي محمد مكاوي ، علمًا أنّ هذا العدد مرشح للارتفاع أكثر في الأيام المقبلة، باعتبار أنّ باب الانسحابات يبقى مفتوحًا حتى مساء السبت بحسب ما قال المحافِظ، فكيف يمكن تفسير هذه "الرتابة الانتخابية" إن صحّ التعبير، وهل هي "ظاهرة صحية"؟!

غياب الحماسة "مفهوم"

صحيح أنّ غياب الحماسة للانتخابات البلدية والاختيارية قد يكون مستغرَبًا من حيث المبدأ، خصوصًا أنّ الاستحقاق مُنتظَر منذ فترة طويلة، وهو المؤجَّل منذ ثلاث سنوات، عمد فيها مجلس النواب للتمديد للمجالس البلدية الحالية مرّة تلو مرّة، على الرغم من أنّ هذه المجالس بات بمعظمها مشلولة وعاجزة، إن لم تكن منحلّة بحكم الأمر الواقع، وفي وقتٍ يدرك القاصي والداني أهمية هذه المجالس لتسيير شؤون الناس، وهي المرتبطة معهم بشكل مباشر.

لكن، مع ذلك، فإنّ هذا الأمر يبدو "طبيعيًا" برأي العارفين، في ضوء الظروف التي يشهدها البلد على المستويين السياسي والأمني، خصوصًا بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، التي أعادت رسم "الأولويات" بالنسبة للبنانيين، إلا أنّه يبدو "منطقيًا" أكثر في ضوء حالة "الضبابية" التي أحاطت بالاستحقاق البلدي والاختياري حتى اللحظة الأخيرة، بل إنّ "الرهان" على تأجيل هذه الانتخابات بقي قائمًا حتى أيام قليلة، بل إنّه لا يزال قائمًا في جولاته المقبلة.

من هنا، يقول العارفون إنّ الانطباع السائد كان أنّ هذه الانتخابات لن تحصل في موعدها، وستؤجَّل، خصوصًا أنّ نائبين تقدّما باقتراح قانون لتأجيلها قبل أسابيع فقط، وهو ما تسبّب بـ"برودة انتخابية" انعكست على واقع الترشيحات، ويُضاف إلى ذلك "فتور سياسي" في التعاطي مع الاستحقاق، الذي يبدو أنّ أحزابًا أساسيّة لا توليه الأولوية، فهي لم تحشد جماهيرها حتى الآن بما يكفي، بل إنّ بعضها لم يحرّك ماكيناته الانتخابية حتى، أقلّه كما يفعل في العادة.

بين "الصحية" و" الديمقراطية "

أمام هذا المشهد، لا يبدو مُستغرَبًا أن تطبع "التزكيات" المشهد الانتخابي البلدي والاختياري في العديد من المناطق، علمًا أنّ مثل هذا الأمر قد لا يكون جديدًا، إذ إنّ الفاعليات الأهلية في الكثير من البلدات تسعى عادة للوصول إلى توافق بين العائلات الأساسيّة والكبرى، من أجل تجنّب "معارك طاحنة" قد تكون لها انعكاساتها على الأجواء في هذه البلدات، ويبدو أنّ الأحزاب السياسية تجد أنّ "تغذية" هذه النزعة التوافقية في مصلحتها الآن، بانتظار انتخابات النيابة .

لكن، إذا كان ذلك صحيحًا، فهل يمكن اعتباره عمليًا ظاهرة صحية أو ديمقراطيّة؟ تتفاوت وجهات النظر في هذا السياق، فهناك من يرى فيه ظاهرة صحية وديمقراطية، باعتبار أنّ القانون يسمح بالتزكية، وأنّ التزكية قد تكون الخيار الأفضل في القرى والبلدات لتفادي أيّ انقسام وتشنّج في داخلها، وثمّة من يعتبر التزكية ظاهرة صحّية بهذا المعنى، كونها تعكس "عدم تدخل" الأحزاب التي تعمل عادة على تسخين الأجواء، وتدفع نحو الاحتقان.

إلا أنّ هذا الرأي يصطدم برأي آخر يقول إنّ التزكية ليست ظاهرة صحّية، خصوصًا عندما تكون بهذا الحجم، فهي تدلّ إما على أجواء غير مريحة للتنافس الحرّ والديمقراطي بين الناس، ما قد يعكس خلافًا للانطباع الأول، أنّ الأحزاب هي التي تسيطر وتفرض مرشحيها، وتمنع الآخرين من التفكير بالمناسبة، أو ربما أجواء عدم القدرة على إنجاز شيء في ظلّ الظروف الحالية، وفي الحالتين قد يكون الإنماء المُنتظَر من هذا الاستحقاق هو الخاسر الأكبر.

تتناقض "البرودة والرتابة" التي تطبع الاستحقاق البلدي والاختياري، بمعزل عمّا إذا كانت التزكيات ستطبعه أم لا، مع المهام "الثقيلة" التي يفترض أن تكون ملقاة على المجالس البلدية التي سيتمّ انتخابها، وهي التي ترِث حملاً "ثقيلاً" بالحدّ الأدنى، سواء على مستوى البلديات التي عمّرت طويلاً، وتعرّضت للشلل، أو على مستوى الوضع العام، الذي ترتّب على الحرب الإسرائيلية، والمهام الملقاة على عاتق البلديات الجديدة لمعالجته!
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا