آخر الأخبار

التيار يحاول شد العصب

شارك
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حملة" التيار الوطني الحر " ضد النازحين السوريين بشكل لافت، وهو ما توجه امس، حتى بدت وكأنها أولويته السياسية والإعلامية المطلقة. ولعل فهم خلفيات هذا التصعيد يمر عبر ثلاثة عناصر رئيسية توضح لماذا اختار التيار هذا التوقيت وهذه النبرة العالية.

أولاً، خروج التيار الوطني الحر من السلطة بعد تشكيل حكومة نواف سلام خلق له هامشًا سياسيًا واسعًا لاستخدام خطاب أكثر شعبوية. فعندما كان جزءًا من الحكم، كان ملزمًا بتوازنات داخلية وخارجية تمنعه من المزايدة أو طرح شعارات يدرك سلفًا أنها صعبة التطبيق. أما اليوم، وقد انتقل إلى موقع معارض، بات بإمكانه أن يرفع السقوف بلا حرج، مستخدمًا ملفات شديدة الحساسية كملف النزوح السوري، مستفيدًا من المزاج الشعبي المتذمّر، ومن واقع أن لا مسؤولية تنفيذية مباشرة تقع عليه.

ثانيًا، يعيش التيار الوطني الحر حالة من التراجع الشعبي المستمر، ويظهر هذا التراجع بوضوح في كل استحقاق انتخابي. ولأن المزاج العام في بيئته التقليدية لم يعد يكتفي بالشعارات المعتادة، شعر التيار بالحاجة إلى جرعة إضافية من الخطاب الراديكالي الذي يشد العصب ويستنهض جمهورًا بدأ يتسرب باتجاه خيارات أخرى. من هنا، لم يتردد في الذهاب إلى مستوى غير مسبوق في لبنان بخطاب حاد تجاه النازحين، تمثل في كلمة رئيس التيار جبران باسيل امس، خطاب يحاكي المخاوف والهواجس العميقة للشارع المسيحي خصوصًا، مستخدمًا لغة تجمع بين القلق الأمني والاجتماعي والاقتصادي.

ثالثًا، يدرك التيار الوطني الحر انه غير قادر على مواكبة الحملة ضد " حزب الله " التي يشنها خصومه المسيحيون، لان ذلك يعني خسارة تحالفه مع الحزب، وهو تحالف يطمح التيار إلى تجديده وربما تعزيزه في الانتخابات النيابية المقبلة. لذلك، كان بحاجة إلى خصم بديل يستطيع من خلاله شد العصب المسيحي من دون أن يصطدم بالحزب. وجد في ملف النزوح السوري ضالته: خصم بلا تكلفة سياسية تجاه حليفه، وقضية تلقى تجاوبًا واسعًا في بيئته.

بهذه الحسابات المعقدة، يتضح أن الحملة ضد النازحين ليست مجرد تحرك عفوي او وطني بحت كما يحاول التيار تقديمها، بل هي جزء من معركة بقاء سياسي وشعبي يخوضها على أكثر من جبهة، ساعيًا إلى إعادة تشكيل صورته وموقعه في المشهد اللبناني المتغير.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا