آخر الأخبار

فخامة الرئيس لا تُحسَد

شارك
لكثرة المشاكل التي تتوالد كل يوم في لبنان ، ولكل يوم همومه، لا يُحسَد رئيس الجمهورية جوزاف عون على ما هو عليه حال البلد. فما بين خطاب القسم وما فيه من شعارات جذّابة ورنانة وبين الواقع المعيوش بون شاسع. وهذا ما اكتشفه فخامته بعد أشهر قليلة من تسّلمه المسؤولية الأولى. هو يعرف وكذلك يعرف جميع الذين يشكّلون فريق عمله أن دون تحقيق ما جاء في تعهدات القسم عقبات كثيرة. وإذا أراد المرء تعداد هذه العقبات قد يتوه في العدّ. فعقبات الأمس هي اليوم وغدًا وبعده وما بعد بعده هي هي. كانت بالأمس ملقاة على كاهل الرئيس نجيب ميقاتي وحده تقريبًا. حاول بكل ما أوتي من عزم وإرادة صلبة تخطّي المشاكل المتناسخة، وكانت المسؤولية أكبر من اليوم ، لكنه فوجئ بأكثر من معطًى حال دون وصوله إلى ما كان يسعى إلى تحقيقه، وهو الذي كان يرأس حكومة مقيّدة صلاحياتها بما لا يتناسب مع كثرة المشاكل، التي توجت بالحرب الشاملة والمدّمرة التي شنتّها إسرائيل على لبنان وما خلّفته من كوارث ومآسٍ.
وعلى رغم كل هذه الصعوبات نجح الرئيس ميقاتي مع حكومة يقاطع جلساتها عدد لا بأس به من الوزراء في الحفاظ على ما تبّقى في البلد من مؤسسات، وحال دون انهيارها بالكامل من خلال اتصالاته الخارجية والداخلية، التي حاول من خلالها منع حصول الارتطام الكبير، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
وإذا أردنا إجراء مقارنة سريعة بين الأمس واليوم نرى أن المشاكل والهموم اليومية تتزايد وتتكاثر مع أن البلاد لم تعد تعيش حال الفراغ، التي كانت عليه طوال سنتين وثلاثة أشهر كانت من أصعب ما مرّ على لبنان من محن. اليوم يعيش لبنان في ظل حكومة مكتملة المواصفات من حيث الصلاحيات الدستورية، التي لم تكن متوافرة مع حكومة تصريف الأعمال، التي تُركت تواجه لوحدها ما تعجز على مواجهته حكومة "الإصلاح والإنقاذ".
فما يحاول الرئيس عون القيام به لجهة تقريب المسافة بين الواقع وما فيه من مشاكل لا يمكن حّلها بكبسة زر وبين ما تضمّنه خطاب القسم من أمنيات بهرت الجميع يصطدم بسلسلة من العراقيل، التي واجهته يوم كان قائدًا للجيش، وإن كانت المسؤولية أقّل شمولية وأقّل صعوبة مما هي عليه الحال اليوم.
هو يعرف أن روما ، التي زارها أمس الأول للمشاركة في وداع البابا الاستثنائي، من فوق ليست كما من تحت. وهذا ما خبره جميع الذين كانت لديهم النية الحسنة في إيصال لبنان إلى شاطئ الأمان والحؤول دون تعرّضه لما يمكن أن يقوم بينه وبين الأحداث المتسارعة ما يؤرق الأحلام والرؤى المستقبلية.
فمن أين يمكن أن يبدأ به رئيس الجمهورية في حلحلة السلسلة المعقدّة من المشاكل، التي لا نهاية لها؟
هل يبدأ ببند بسط سلطة الدولة عبر قواها الشرعية على كامل الأراضي اللبنانية في الوقت التي لا تزال إسرائيل تسرح وتمرح برًّا وبحرًا وجوًّا؟ وعلى أساس هذا البند سُمّيت حكومة نواف سلام بحكومة "الإنقاذ" من دون كلمة "معًا. ومن دون الانسحاب الإسرائيلي الكامل والشامل من كل شبر محتّل من الأراضي اللبنانية سيبقى " حزب الله " مصرًّا على تمسّكه بسلاحه.
هل يبدأ بالإصلاح، وهو الشّق الثاني من التسمية الحكومية، وهو شرط أساسي من شروط المجتمع الدولي كبند متلازم مع أي مساعدات ممكنة من الدول الشقيقة أو الصديقة للبنان.
هل يبدأ بفكفكة العقد السياسية والاقتصادية المتشابكة بعضها ببعض، وهي تحتاج إلى أكثر حسن النية، خصوصًا أن كل فريق من الأفرقاء السياسيين يحاول أن يشدّ اللحاف إلى صدره من دون الأخذ في الاعتبار ما يمكن أن يكون عليه الحال في حال لم يستطع رئيس الجمهورية تحقيق ولو عشرة في المئة مما وعد به، صادقًا، اللبنانيين في الوطن والمهجر.
فخامة الرئيس انكم في موقف لا تُحسدون عليه، وإن كنا من المؤمنين والمتيقنين بأن لديكم ما يكفي من إرادة صلبة لتخطّي كل هذه المشاكل بأقل أضرار ممكنة.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا