وفي هذا السياق، تتحول المبادرات الشبابية المستقلة أو التجديدية إلى مصدر قلق، لا لأنها تشكل خطرًا انتخابيًا بالمعنى العددي، بل لأنها تطرح رؤية مختلفة تُخرج العمل البلدي من منطق الولاء الشخصي إلى منطق المساءلة والمحاسبة والعمل الجدي.
ويواجه الشباب في هذه المعركة "غير المتكافئة" عدة مستويات من الإقصاء. أولها سياسي، يتمثل في إصرار معظم الأحزاب التقليدية على فرض لوائح مكتملة من أشخاص مقرّبين أو من ذوي الخلفيات العائلية المعروفة، مع منح الشباب دورًا تجميليًا لا يتعدى "الحصة" أو "التوازن". وثانيها اجتماعي، حيث لا تزال فئات واسعة من الناخبين تُفضّل التصويت لـ"أولاد البيوت" أو الشخصيات المجربة، ولو فشلت في تقديم أي إنجاز يُذكر. أما المستوى الثالث، فهو اقتصادي – لوجستي، حيث تفتقر معظم المجموعات الشبابية إلى
التمويل ، والدعم الإعلامي، والخبرة في
التنظيم الانتخابي.
هذا الشعور يتردد صداه لدى مئات الشبان اللبنانيين الذين حاولوا أو يفكرون في خوض الاستحقاق البلدي. ففي بلدة جبلية
قضاء عاليه، يقول أحد أعضاء لائحة شبابية أنّه بمجرد إعلان فكرة خوض الشباب للانتخابات من دون الترشح الرسمي بعد قوبلت الفكرة بالاعتراض. ويشير لـ"
لبنان24 " أنّ هذا الاعتراض ولّد عند الشباب إصرارا أكبر على خوض المعركة رغم الاقتناع شبه التام أنّها
معركة خاسرة، إلا أنّ مجرد أخذ الخطوة الأولى سيؤسس لما هو
ابعد مستقبلاً.
ورغم التحديات، تظهر مؤشرات على ولادة وعي شبابي بلدي جديد، مدفوع بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها لبنان. فاليأس من النخب السياسية الحالية بات دافعاً لدى بعض القرى لتجريب "الوجوه الجديدة"، خصوصاً تلك التي نشأت خارج منظومة الفساد الزبائنية.
لكن الطريق ليس سهلاً. فإلى جانب غياب التمويل، واحتكار القرار من قبل العائلات والأحزاب، تفتقر اللوائح الشبابية إلى الدعم اللوجستي والخبرة
الانتخابية .
ومع ذلك، لا يبدو أن الجيل الجديد ينوي التراجع.