آخر الأخبار

خطر يتربص بغابات لبنان... لعنة الحرائق عائدة والصيف سيكون الأصعب!

شارك
لم تعد حرائق الغابات حدثًا عابرًا بالنسبة للبنانيين، بل تحوّلت إلى كابوس متكرّر، خاصة في هذا التوقيت من السنة. فاندلاع الحريق الأخير في رمحالا – عاليه أعاد هذه المخاوف إلى الواجهة، بعدما تطلبت عملية إخماده جهودًا ضخمة من فرق الدفاع المدني، في ظل رياح قوية ساهمت في انتشاره بسرعة.
هذه الحادثة أعادت إلى الأذهان مشهد الحرائق المتسلسلة التي شهدها لبنان في عام 2024، والتي تفاوتت بين مفتعلة وطبيعية، وكانت لها آثار كارثية على الغابات. وبات اللبنانيون يتساءلون: هل سنشهد تكرارًا لسيناريو العام الفائت؟
تزامنًا مع هذه الأحداث، يحذّر رئيس حزب البيئة العالمي، ضومط كامل عبر " لبنان 24 "، من خطرٍ كبير يهدد الغابات اللبنانية ، مؤكدًا أن معظم هذه المساحات الخضراء باتت مهددة بالحرائق، نتيجة عوامل طبيعية وبشرية متشابكة، تتفاقم يومًا بعد يوم من دون أيّ تدخل فعّال أو استجابة جدية من الجهات المعنية.
أسباب تزايد حرائق الغابات
يُوضح كامل الأسباب التي تؤدي إلى اندلاع الحرائق في هذه الفترة من السنة ومع اقتراب فصل الصيف، مشيرًا إلى أن الرياح الخمسينية تلعب دورًا رئيسيًا في ذلك. فهذه الرياح الجافة وشديدة السخونة تساهم في تحريك الأوراق اليابسة، والتي تحتوي على مواد قابلة للاشتعال مثل الكبريت، ما يؤدي إلى اشتعالها ذاتيًا في عدد من المناطق، حتى من دون أيّ تدخل بشري مباشر.
ويُضيف كامل أن الجفاف المتفاقم الذي يشهده لبنان في السنوات الأخيرة يُعدّ العامل الأساسي في ارتفاع خطر الحرائق. فالأرض أصبحت قاحلة، والنباتات جافة وسريعة الاشتعال بمجرد ارتفاع درجات الحرارة. وهذا الجفاف، الذي تحوّل إلى ظاهرة متكرّرة، جعل الغطاء النباتي هشًّا، فاقدًا لمناعته الطبيعية، بحيث تكفي شرارة صغيرة لإشعال حريق واسع.
واكد أنّ النفايات المنتشرة عشوائيًا في الغابات تُشكّل عاملًا آخر لا يقلّ خطورة، إذ إنّ الزجاجات الفارغة والبلاستيكيات، تحت تأثير أشعة الشمس، تتحوّل إلى أدوات تساعد على تركيز الحرارة، فتعمل كعدسات تُشعل النار في الأعشاب اليابسة. أما النفايات العضوية، وبخاصة تلك المغلقة داخل أكياس ومُلقاة في قلب الطبيعة، فهي تفرز غازات قابلة للاشتعال، وقد تنفجر ذاتيًا في بعض الظروف.
كما يُشير كامل إلى خطورة وجود طرقات تمرّ داخل الغابات، والتي تُسهّل دخول الناس والسيارات إلى أعماقها. الكثير من الزوار لا يملكون الوعي البيئي الكافي ، ويقومون بتصرفات غير مسؤولة، وأصبحت جوانب الطرقات الملاصقة للغابات مليئة بالنفايات، وكلّ ما يتطلّبه الأمر هو سيجارة واحدة تُرمى لتُشعل جبلًا بأكمله، كما حدث مؤخرًا في جبل حريصا.
إلى جانب ذلك، يلعب الإهمال الرسمي دورًا كبيرًا في تعريض الغابات للخطر. فهذه المساحات، على حدّ قوله، "متروكة تمامًا، لا أعمال تنظيف دورية، ولا رقابة، ولا حتى استثمار في وجود الماعز أو الأغنام، التي كانت في السابق تُساهم بطريقة طبيعية في تقليل الكثافة النباتية القابلة للاشتعال".
وأعرب كامل عن أسفه العميق لما تواجهه غابات لبنان، المصنّفة من بين الأجمل في العالم، من تهديد جدّي بالاحتراق والاندثار، محذرًا من أن هذا الإرث الطبيعي الفريد مهدد بالزوال إذا لم تُتّخذ خطوات سريعة وجدية لحمايته.

خطة وزيرة البيئةوفي خطوة تهدف إلى الحد من تصاعد مخاطر حرائق الغابات، عقدت وزيرة البيئة تمارا الزين اجتماعًا مع فريق البنك الدولي، لاستكمال التحضيرات النهائية لمشروع يُعنى بحماية المناطق البيئية الهشة في لبنان، كعكار، الضنية، الشوف والمتن. يرتكز المشروع على دعم السياسات الوقائية، تعزيز التعاون بين الجهات الرسمية والمدنية، وتطوير قدرات الإنذار المبكر والاستجابة السريعة. كما يشمل مكونات بيئية مهمة، كاستعادة الغطاء الحرجي، وتنشيط مشاريع إعادة التشجير، وحماية التنوع البيولوجي.
الحلول الفعّالة
لكن رغم أهمية هذه المبادرات، يرى كامل، أن مثل هذه المشاريع تبقى غالبًا حبراً على ورق، مشيرًا إلى أن "عددها كبير، إلا أن التنفيذ العملي على الأرض هو الحلقة المفقودة دائمًا".
ويحذر كامل من أن غابات لبنان أمام خطر متسارع وجدي، ما يستدعي اعتماد استراتيجية شاملة وطارئة، قائمة على خطط علمية قابلة للتطبيق الفوري. ويقول: "لا يمكن مواجهة هذا الواقع بمجرّد التصريحات والوعود، بل نحن بحاجة إلى إرادة فعلية وجهوزية كاملة للتنفيذ".
وانتقد استبعاد الكفاءات البيئية المحلية، قائلًا: "لدينا خبراء قادرون على رسم استراتيجيات فعّالة، لكن لا يُؤخذ برأيهم".
ويُحمّل كامل غياب الخطط السريعة والجدية مسؤولية ما وصل إليه الوضع البيئي في البلاد، مناشدًا رئيس الجمهورية التدخل العاجل لإشراك علماء البيئة الحقيقيين في الحلول، بعيدًا عن الحسابات والمصالح الضيقة.
كما حذّر من أن فصل الصيف المقبل سيكون بالغ الخطورة، مع توقعات بموجات جفاف غير مسبوقة، تُعدّ العامل الأبرز في تفاقم خطر الحرائق. باختصار، خطر داهم يلتفّ ويتربّص بغابات لبنان، ولا سبيل لمواجهته سوى بخطة طارئة بيئية، علمية وعملية في آن. فهل سنشهد ترجمة فعلية على الأرض لحماية غاباتنا وإرثنا الطبيعي؟
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا