آخر الأخبار

في زمن التحوّلات الكبرى.. السعودية ترسم ملامح مرحلة جديدة!

شارك
تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات ديبلوماسية متسارعة توحي بأنّ مشهداً جديداً بدأ بالتبلور، مدفوعاً بالحراك الأميركي – الإيراني الذي دخل مرحلة متقدمة من التفاوض، وسط مؤشرات إلى اقتراب الطرفين من تسوية شاملة قد تعيد رسم التوازنات الإقليمية .

فالولايات المتحدة، التي لطالما اتُّهمت بالتغاضي عن سياسات إسرائيل المتشددة، وضعت هذه المرة خطوطاً حمراء واضحة أمام حكومة بنيامين نتنياهو، في خطوة تُقرأ في الداخل الاسرائيلي على أنها بداية تآكل الدعم غير المشروط الذي كانت تحظى به تل أبيب من حليفتها الأولى. هذا التحوّل ينعكس مباشرة على المشهد السياسي الإسرائيلي الذي يمرّ بواحدة من أكثر مراحله هشاشة وتصدّعاً.

لكن البُعد الأوسع لهذا الحراك لا يقتصر على العلاقة الأميركية – الإيرانية ، بل يمتد ليشمل محوراً آخر لا يقل أهمية: الخليج. زيارة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى طهران ولقاؤه بالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي، تُعدّ مؤشراً بالغ الدلالة على الاتجاه الذي باتت تسلكه الرياض ومعها معظم العواصم الخليجية. فبعكس السنوات الماضية، حيث كانت بعض دول الخليج يراهن ضمناً على صدام عسكري بين واشنطن وطهران، يبدو أن المقاربة اليوم انقلبت جذرياً، وباتت هذه الدول تستثمر، سياسياً وديبلوماسياً، لتفادي الحرب لا لاستدعائها.

هذا التحوّل ليس نابعاً من تبدّل في المواقف العقائدية، بل من إدراك عميق لحجم الخسائر التي ستطال الخليج اقتصادياً وعسكرياً وبنيوياً في حال اندلاع مواجهة شاملة. من هنا، تبدو دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية ، منخرطة في دينامية جديدة عنوانها الاستقرار، لا سيما في ظلّ التحديات المتصاعدة، والقلق المشترك من تمدد النفوذ الإسرائيلي في ساحات عربية متفرقة.

ورغم شح المعلومات حول فحوى اللقاء السعودي – الإيراني في طهران، فإن خطاب السيد خامنئي حمل إشارات واضحة إلى انفتاح محتمل على تسويات إقليمية أوسع، قد تشمل ملفات كانت حتى وقت قريب تُصنَّف ضمن المحظورات. ويبدو أن سوريا ستكون إحدى أبرز ساحات هذا التلاقي المحتمل، في ضوء الواقع السياسي الجديد هناك، والذي يُرغِم طهران والرياض على إعادة صياغة مقارباتهما.

في موازاة ذلك، ترفض السعودية الانخراط في أي عملية عسكرية برية في اليمن، رغم الضغوط الأميركية المتواصلة، وهو ما يؤكد أن حسابات الخليج تغيّرت، وأن الحرب لم تعد أداةً مفضّلة لتصفية النزاعات أو إدارة التوازنات.

كل هذه المؤشرات توحي بأنّ المنطقة دخلت فعلياً مرحلة مخاض سريع ومفتوح على احتمالات كبرى، لا تخلو من المخاطر، لكنها في المحصلة تتجه نحو تسوية شاملة تعيد ترتيب الأولويات وتبدّل قواعد الاشتباك. لبنان ، بدوره، لن يكون خارج هذا المشهد، وما يُسجَّل اليوم من احتدام في الخطاب الإعلامي والسياسي بين القوى المحلية ما هو إلا محاولة استباقية لتعظيم المكاسب قبل وصول التسوية إلى محطتها النهائية.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا