نشر موقع "arabnews" تقريراً جديداً تحدّث فيه عن إحياء لبنان للذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية .
ويقولُ التقرير الذي ترجمهُ
"لبنان24" إنّه في 13 نيسان، احتفل اللبنانيون بالذكرى الخمسين لاندلاع الحرب، وهو صراع أعاد تشكيل تاريخ الأمة الحديث بشكل عميق"، وأضاف: "وبينما كانت حادثة حافلة عين الرمانة سيئة السمعة بمثابة الشرارة التي أشعلت العنف، إلا أنه، كما هو الحال في العديد من
الحروب الأهلية، كانت هناك أسباب أعمق وأكثر تعقيداً متجذرة في شبكة من الديناميكيات المحلية والإقليمية والدولية المتداخلة والاختلالات الاقتصادية والديموغرافية والطائفية المحلية. وعلى الرغم من أن حادث الحافلة أسفرَ عن مقتل عددٍ من الأشخاص، إلا أنه أشعل فتيل حرب استمرت 15 عاماً جلبت دماراً هائلاً وخسائر في الأرواح ونزوحاً جماعياً".
وأردف: "كانت الخسائر البشرية والاقتصادية للحرب مذهلة، فقد قُتل أكثر من 120 ألف شخص وجُرح حوالى 300 ألف شخص، بينما اختفى 18 ألف شخص، واضطر مليون لبناني إلى الهجرة. وقدر تحليل أجراه صندوق النقد الدولي أن الخسارة الاقتصادية التراكمية الناجمة عن الحرب بين عامي 1975 و1993 تعادل ما لا يقل عن 24 ضعف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان في عام 1993. وطوال فترة الصراع، تورطت الفصائل
الفلسطينية ، وكذلك الجيشان السوري والإسرائيلي، بعمق في القتال، وأصبحت بيروت أول عاصمة عربية يحتلها الجيش
الإسرائيلي ، وتصدعت مؤسسات الدولة، بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية، على أسس طائفية".
واستكمل: "بعد نصف قرن، لا تزال الجروح لم تلتئم. وعلى الرغم من أن اللبنانيين لم يواجهوا بعد أو يناقشوا أو يتصالحوا بشكل كامل مع إرث حربهم الأهلية، فقد انتهى بهم الأمر إلى التعامل مع عواقب صراع آخر. وتسببت الهجمات
الإسرائيلية الأخيرة على لبنان في مقتل أكثر من 4100 شخص، وتشريد حوالى 1.2 مليون شخص، وإلحاق أضرار وخسائر اقتصادية تزيد عن 14 مليار دولار، وفقاً لتقديرات البنك الدولي".
ورأى التقرير أنَّ "ذكرى 13 نيسان هي فرصة للبنانيين وأصدقاء لبنان للتفكير في سؤال صعب: لماذا لبنان عرضة للعنف؟ لماذا لا يزال هذا البلد محاصراً في دوامة من الأزمات والفرص الضائعة؟ وما الذي يتطلبه الأمر حتى يتمتع لبنان أخيراً بالسلام المستدام والازدهار الشامل ودولة فاعلة وخاضعة للمساءلة؟".
وتابع: "لقد كشفت الحرب الأهلية اللبنانية عن موقف البلاد الضعيف في سياق إقليمي ممزق للغاية. كان لبنان من أوائل ضحايا التباعد الاستراتيجي بين
سوريا ومصر في أعقاب حرب عام 1973، وفي وقت لاحق، كان من أوائل المتلقين لتصدير الثورة
الإيرانية في عام 1979".
وأردف: "بدأت جهود التوسط لحل الحرب بعد أشهر قليلة من اندلاعها. في تشرين الأول 1976، استضافت المملكة
العربية
السعودية مؤتمر الرياض لتأمين وقف إطلاق النار، وإعادة تأكيد سيادة لبنان، ورفض التقسيم، وتنظيم الوجود الفلسطيني. لكن للأسف، لم يدم وقف إطلاق النار طويلًا. في السنوات التالية، شجعت المملكة وجهات عربية ودولية أخرى القادة اللبنانيين على الاجتماع في جنيف (1983) ولوزان (1984) سعياً لتحقيق المصالحة الوطنية، لكن دون جدوى".
واستكمل: "بحلول عام 1989، كان لبنان على وشك الانهيار المؤسسي، حيث ادعت الحكومات المتنافسة الشرعية ولم يُظهر الصراع أي علامات على الحل. وفي قمة الدار
البيضاء التي عقدتها في أيار من ذلك العام، أنشأت جامعة الدول العربية لجنة عليا ثلاثية - تضم المملكة العربية السعودية والجزائر والمغرب - مكلفة بالتوسط لإنهاء الحرب. وجاء الاختراق الدبلوماسي الأخير في مدينة الطائف السعودية، حيث استضافت المملكة 62 عضواً على قيد الحياة من برلمان لبنان لعام 1972 لإجراء مفاوضات مكثفة. وفي 22 تشرين الأول 1989، تمَّ
توقيع وثيقة الوفاق الوطني، المعروفة على نطاق واسع باسم اتفاق الطائف، وقد صدق البرلمان على ذلك في 5 تشرين الثاني 1989، وأدرجت أحكامه في الدستور في عام 1990".
وقال: "اليوم، قد يتساءل المرء عما إذا كان لبنان يقف مرة أخرى عند مفترق طرق ما بعد الطائف. تخرج البلاد من حرب مدمرة أخرى، بينما انهارت مؤسساتها تحت وطأة الشلل المطول والتشرذم والفراغ السياسي. وكما حدث في أعقاب اتفاق الطائف، عاد مطلب محوري لا لبس فيه إلى الواجهة: حل
حزب الله وجميع الجماعات المسلحة اللبنانية وغير اللبنانية العاملة خارج سلطة الدولة ونزع سلاحها - وهو شرط أساسي لاستعادة الصدقية والاستقرار والثقة واحتمال تجديد الدعم الاقتصادي".
وأردف: "على مدى الـ50 عاماً الماضية، كثيراً ما ردد اللبنانيون عبارة (تنذكر وما تنعاد) كتعبير جماعي عن الحزن والندم والأمل. ولكن لكي يُترجم هذا الأمل إلى واقع، يجب على الحكومة اللبنانية، وربما الشعب اللبناني، الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك تلك التي تعهدت بها في بيانها الوزاري، وهذا يعني استعادة احتكار الدولة لاستخدام القوة، وتأكيد السلطة الحصرية على قرارات الحرب والسلم".
وختم: "من الالتزامات الرئيسية الأخرى تطبيق خطة شاملة لإعادة بناء
اقتصاد دمرته الحرب الأخيرة وأحد أسوأ الانهيارات
المالية في التاريخ الحديث. للشعب اللبناني الحق في العيش بسلام وكرامة واستقرار. لطالما حُرم من هذا الحق - من قِبل نخبه السياسية، والأجندات
الإقليمية والدولية المتنافسة، وبسبب موقع لبنان الجيوسياسي. في الذكرى الخمسين للحرب الأهلية، لا يكتفي اللبنانيون بتذكر الماضي فحسب، بل يؤكدون حقهم في حاضر ومستقبل يكسر هذه الدائرة".