كتبت سابين عويس في" النهار": مع تزايد الضغط الأميركي على
لبنان لنزع سلاح "حزب الله" تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي ۱۷۰۱، تحت وطأة التهديد بإطلاق يد إسرائيل لاستئناف حربها ضده تمهيداً لتدمير ترسانته
العسكرية وأي مخاطر يمكن أن يشكلها مستقبلاً عليها، لا يزال الموقف الرسمي اللبناني الملتزم بالقرار الدولي بعيدا عن التطبيق ما يطرح علامات استفهام حول الأسباب الكامنة وراء ذلك. هل هي بسبب عجز السلطات
العسكرية والأمنية عن استعمال القوة في وجه الحزب، على نحو يدفع إلى مواجهة داخلية تثير خشية كبيرة وتحرص الدولة بسلطاتها الثلاث على تجنب الخوض فيها، أم هي بسبب عدم استعجال رسمي على تنفيذ سحب السلاح، ليترك الأمر لقرار يتخذه
الحزب بتسليم سلاحه في إطار قرار الانتقال إلى العمل السياسي، أم هي في سیاق رهان على الوقت الذي سيدفع إسرائيل بنهاية المطاف إلى القيام بالمهمة ؟
الثابت حتى الآن أن الدولة تعي حجم التهديدات الأميركية في ظل المسار الجديد الذي تسلكة إدارة الرئيس ترامب المستعجلة على إقفال هذا الملف، لكنها تقف عاجزة حيال آلية تطبيق قرار نزع السلاح من دون أن يؤدي ذلك إلى تصادم مع الحزب، الذي يأخذ اليوم من الاعتداءات
الإسرائيلية المستمرة وبقاء الجيش
الإسرائيلي في خمس نقاط جنوبية، ذريعة لعدم تسليم سلاحه يسابق
لبنان الرسمي الضغوط التي سترتفع وتيرتها مع وصول المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت نهاية الأسبوع، حاملة اقتراحات واضحة في شأن إطلاق المفاوضات بين لبنان وإسرائيل على ملف الحدود الذي سيمهد بنهاية المطاف للتطبيع بين
البلدين ، وذلك من باب طرحها تشكيل لجان سياسية الإطلاق الأسرى وانسحاب إسرائيل.
لن يكون في مقدور لبنان إطلاق مسار سياسي مع إسرائيل كما لن يكون في مقدوره إطلاق مسار مماثل مع الحزب، بالرغم من التزامات رئيسه في خطاب القسم نزع السلاح غير الشرعي وحصر حق الدولة بالسلاح أو رئيس حكومته الذي التزم كذلك في البيان الوزاري الأمر عينه مع تأكيد الاثنين أن قرار السلم والحرب هو في يد الدولة.
وهذا يعنى بحسب مصادر سياسية أن لبنان الرسمي سيستمر في الإعلان عن التزاماته كما وردت في خطاب القسم والبيان الوزاري ولا سيما في الشق الذي تعهد فيه رئيس الجمهورية بالدعوة إلى حوار وطني حول استراتيجية دفاعية، ولكن من دون خطوات عملانية قريبة أو روزنامة عمل واضحة في هذا الشأن، في ظل استمرار الانقسام الداخلي حول هذا الموضوع، على قاعدة أن قرار الالتزام بنزع السلاح وحصريته في يد الدولة، لم يعد في حاجة إلى استراتيجية دفاعية، بل إلى نقله من الحبر على الورق إلى التنفيذ قبل أن يفقد لبنان فرصة الزخم الخارجي فيعود إلى عزلته مجدداً، على ما تعبر مصادر ديبلوماسية بقلق بالغ.