استُبعِدَ "التيّار الوطنيّ الحرّ" من المُشاركة في حكومة الرئيس نواف سلام، واختار النائب جبران باسيل أنّ ينتقل إلى المُعارضة، بعدما كان طرفاً أساسيّاً في الحكم خلال عهد الرئيس ميشال عون. ويتحضّر "لبنان القويّ" بعدما أُقصِيَ من مجلس الوزراء للإنتخابات النيابيّة المُقبلة، فهدفه تشكيل تكتلٍ نيابيّ وازن للعودة بقوّة إلى العمل السياسيّ والوزاريّ، على الرغم من أنّه يُواجه صعوبات كثيرة في إقامة التحالفات، وخصوصاً مع "حزب الله" الذي أمّن لميرنا الشالوحي العديد من النواب في أقضية مُختلفة في العام 2022.
واهتزت العلاقة بين باسيل و"الحزب" بعدما أقحم الأخير
لبنان في "حرب إسناد غزة"، فانتقد "التيّار" جرّ البلاد إلى نزاعٍ لا
علاقة لها به. كذلك، زاد الخلاف بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك في الإنتخابات الرئاسيّة، كما أنّ الطرفين لم يتوصّلا إلى اتّفاق بشأن اللامركزيّة الإداريّة وغيرها من الملفات التي كان يسعى "الوطنيّ الحرّ" إلى التوافق عليها مع "حزب الله".
ويتّجه "التيّار" إلى الإنتخابات النيابيّة، فيما لم يحلّ خلافاته الكثيرة مع "حزب الله"، وهناك علامة إستفهام لدى قيادة "الحزب" تتعلّق بالرغبة في التحالف إنتخابيّاً مع "الوطنيّ الحرّ"، بعدما كان باسيل وفريقه السياسيّ من أبرز الداعمين لـ"المُقاومة" في الشارع المسيحيّ، ويُؤمنان الغطاء لسلاحه ويُعطيانه الشرعيّة المسيحيّة.
ويُواجه "حزب الله" أزمة سياسيّة حاليّاً تتمثّل في رغبة المُعارضة والدول الغربيّة ورئيس الحكومة في مُعالجة مُشكلة السلاح غير الشرعيّ، وحصر قرار الحرب والسلم بيدّ الدولة فقط. ويُؤيّد "التيّار" طرح الإستراتيجيّة الدفاعيّة ضمن حوارٍ وطنيّ، في حين يتشدّد "الحزب" أكثر من أيّ وقتٍ مضى في التمسّك بعتاده العسكريّ، بسبب الأطماع الإسرائيليّة والأميركيّة في
المنطقة ، والرغبة في إنهاء النفوذ الإيرانيّ في البلدان العربيّة في الشرق الأوسط.
إذاً، يصطدم طموح باسيل الإنتخابيّ بمُوافقة "حزب الله" بالتحالف معه من جهّة، ودخوله في خصومات سياسيّة مع شخصيّات بارزة كانت في "لبنان القويّ" وأعلنت عن إنشقاقها عنه من جهّة ثانية، ما يعني أنّ كتلة "الوطنيّ الحرّ" قد ينخفض عدد نوابها بدلاً من زيادتهم.
وتعليقاً على التحالفات الإنتخابيّة، يقول مراقبون إنّ "التيّار" لطالما وضع خلافاته مع الأفرقاء السياسيين جانباً عندما يتعلّق الأمر بالإنتخابات النيابيّة، وفي العام 2022، فاجأ الجميع بتحالفه مع أفرقاء لا يلتقي معها في الكثير من المواضيع الوطنيّة والسياسيّة. ويُضيف المراقبون أنّ التقارب بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك ليس مستحيلاً، إذ يُريد "حزب الله" أوّلاً المُحافظة على المقاعد الشيعيّة ضمن كتلتيّ "التنميّة والتحرير" و"والوفاء للمقاومة"، وإنّ لم يتحالف مع باسيل في جبيل، قد يخسر مقعداً مهمّاً لصالح المُعارضة التي تُريد التضييق على "الثنائيّ الشيعيّ"، وتنوي في كلّ مناسبة المُنافسة على موقع رئاسة مجلس النواب.
أمّا ثانيّاً، فيقول المراقبون إنّ هدف "حزب الله" من كلّ إنتخابات هو تأمين أكبر عدد من النواب لحلفائه، كيّ يُسيطر على الأكثريّة النيابيّة في البرلمان ويتحكم بالإستحقاقات الدستوريّة. ويرى المراقبون أنّ معركة "الحزب" أصبحت الآن سياسيّة للمُحافظة على سلاحه، فإذا ساعد وعزّز الكتل الحليفة له، عندها يحصل فريق الثامن من آذار على الثلث المعطّل وربما أكثر في أيّ حكومة بعد الإستحقاق النيابيّ، هكذا يحمي "المُقاومة" ويُؤمّن الدعم السياسيّ والحكوميّ لها، كما كان يحدث سابقاً.