كان "حزب الله" من أكثر الداعين في
لبنان إلى إعادة إحياء
العلاقات مع سوريا، والتواصل مع بشار الأسد لحلّ مشكلة النزوح السوريّ وتنشيط التجارة والديبلوماسيّة والسياسة بين
البلدين ، بعدما تأثّرت العلاقة بين بيروت ودمشق بسبب سلسلة الإغتيالات التي طالت سياسيين بارزين، وجراء الحرب السوريّة التي قسمت الآراء بين الأفرقاء اللبنانيين الداعين للتغيير ومُحاسبة النظام من جهّة، وبين الداعمين والمُؤيّدين له سياسيّاً وعسكريّاً من جهّة ثانيّة.
أمّا حاليّاً وبعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" على الحكم في سوريا، وتعيين أحمد الشرع رئيساً مؤقتاً للبلاد، وعمل الجيش السوريّ على إحكام السيطرة على الحدود مع
لبنان لمنع تهريب السلاح والمواد الغذائيّة والمخدرات والمحروقات والأموال، واتّهام السلطات السوريّة "حزب الله" بأحداث الحدود الأخيرة، فإنّ "الحزب" يجدّ نفسه أمام مُعادلة جديدة مُختلفة تماماً عن السابق، فقد خسر حليفاً وثيقاً له هو بشار الأسد، الذي كان ضمن "محور المُقاومة" وداعماً قويّاً له، وعزّز وساهم كثيراً في بناء قدرة "حزب الله" العسكريّة والماليّة، على الرغم من أنّه لم يكن طرفاً مباشراً في مُساندته في
الحروب مع إسرائيل.
في المقابل، فإنّ وصول الشرع إلى السلطة الهدف منه الحدّ من قدرات إيران و"حزب الله"، فقد حُرِمَ الأخير من استخدام الأراضي السوريّة لاستقدام السلاح والمال والمُساعدات من طهران ودمشق. كذلك، تجدر الإشارة إلى أنّه على الرغم من أنّ "الحزب" أعلن بعد سقوط الأسد أنّه يُؤيّد ما يتّفق عليه السوريّون في ما بينهم، وليس في حالة عداء مع الشعب السوريّ، غير أنّه لا يُمكنه إنكار أنّ وضعه أصبح دقيقاً وصعباً مع وصول "هيئة تحرير الشام" إلى السلطة، وأنّ مُشكلة الشرع ومناصريه الأساسيّة كانت وجود الأسد في قصر الشعب، و"الحزب" والحرس الثوريّ الإيرانيّ إلى جانبه.
واللافت أنّ من كان يُعارض في
لبنان في السابق التواصل مع دمشق بسبب وجود الأسد على رأس السلطة، بات الآن من أبرز الداعين إلى الحوار مع سوريا لحلّ المشاكل العالقة بين
البلدين ، وفي مُقدّمتها أزمة النزوح التي أهلكت الإقتصاد اللبنانيّ واللبنانيين. أمّا "حزب الله"، فلم يُبدِ أيّ تجاوبٍ مع هذه التصريحات، واكتفى بالتشديد على أنّ تقوم الدولة بحماية بيئته الشيعيّة في المناطق الحدوديّة التيّ شهدت إشتباكات بين العشائر والسلطات السوريّة، تاركاً للحكومة أنّ تُقرّر كيفيّة التعامل سياسيّاً وديبلوماسيّاً مع الإدارة الجديدة في دمشق. وكان يُؤخذ على "الحزب" أنّه يُريد حلّ موضوع النزوح رسميّاً مع الحكومة السوريّة، كيّ يدفع الدولة اللبنانيّة إلى التواصل مباشرة مع بشار الأسد للإعتراف بشرعيته على رأس السلطة في سوريا.
ويقول مصدر سياسيّ في هذا السياق، إنّ هناك خصومة كبيرة بين "حزب الله" والسلطة السوريّة الحاليّة، فكانا ولا يزالا على عداوة بسبب الحرب التي اندلعت في العام 2011 بين ما كان يُسمّى بـ"الثوار" أو معارضي الأسد وبين "الحزب" الذي شارك بشكلٍ مباشر مع إيران في حماية النظام السابق لأكثر من 10 سنوات. كما أنّ أحداث الساحل السوريّ والهرمل والقصير تُشير إلى أنّ الشرع يُريد طرد عناصر "المُقاومة الإسلاميّة" من على الحدود مع سوريا ومن داخلها، وهو يرفض التعامل مع حارة حريك بأيّ شكلٍ من الأشكال.