كتب طوني عيسى في" الجمهورية": حتى الآن، تمنح إدارة ترامب حكومة بنيامين نتنياهو ضوءاً أخضر مطلقاً لضرب أذرع إيران في
لبنان وغزة وسوريا واليمن. كما تمنح المملكة
العربية السعودية رصيداً وازناً في صناعة
القرار الشرق أوسطي واحتضان المفاوضات الأميركية الروسية الأوكرانية لإنهاء الحرب. وأما الحكومات الأخرى في الشرق الأوسط فباتت كلها بلا استثناء في الحضن الأميركي. وعلى الأرجح، لم يعد هناك من يشكّل إزعاجاً للسياسة الأميركية في الإقليم لسنوات. ويجدر التذكير بأنّ الحكم السوري الجديد بات في الحضن الأميركي، ولا داعي للتذكير أيضاً بقرب الحكومة
اللبنانية من واشنطن.
يعمل الأميركيون اليوم لفرض «السلام الأميركي » الذي يذكّر ب »السلام الروماني » الذي ساد في مرحلة غابرة من التاريخ. ولا يُخفى على أحد أنّ الوسيطة الأميركية الجديدة، مورغان
أورتاغوس، ترجمت بوضوح إرادة التصرف بقوة وحزم مع
لبنان ، إذ طالبت «حزب الله » بالتزام مندرجات وقف النار بكاملها، تحت طائلة المسؤولية. وفي الأيام الأخيرة، وجّهت إدارة ترامب تهديدات مباشرة إلى حكومة لبنان: إما نزع سلاح «الحزب » ضمن فترة زمنية محددة، وإما إطلاق يد إسرائيل لتوجّه ضرباتها أينما كان.
يعني هذا أنّ أحداً لن يقف في وجه الرؤية الأميركية للتسويات في الشرق الأوسط، من إيران
نفسها إلى شاطئ المتوسط في
لبنان وسوريا. والأرجح أنّ السلطة الجديدة في
لبنان «تمدّ رجليها » على هذا القياس، ولا تتهور بالاستعجال، مادامت الأمور ذاهبة حتماً في اتجاه واحد واضح. وفوق ذلك، بات الجميع يدركون أنّ لبنان كما الشرق الأوسط كله دخل بهدوء كنف الوصاية الأميركية المباشرة، من شؤون السياسة والديبلوماسية إلى العسكر والأمن إلى الاقتصاد والمال. ومن الأمثلة المباشرة على ذلك، اعتراف
لبنان بحق واشنطن في ممارسة «الفيتو » على اسم حاكم مصرف
لبنان المركزي، بل حقها في التسمية. وطبعاً، لا ينسى أحد أنّها الآمر الناهي في مسألة وقف النار مع إسرائيل وتمكين الجيش وتلقّي المساعدات، وفي كل قرش يأمل
لبنان في تحصيله ليتمكن من مغادرة الحفرة.