آخر الأخبار

ورقة عمل في شراكة بين ملتقى التأثير المدني وكونراد آديناور: الخروج من اللّادولة: المسألة الشيعيَّة وأي خيارات؟

شارك
في إطار التعاون بين ملتقى التأثير المدني ومؤسَّسة كونراد آديناور - لبنان في مسار "لبنان وتحديَّات إصلاح السِّياسات: نحو رؤية متكامِلة"، نشرت المؤسَّستان ورقة عمل تحت عنوان " الخروج من اللّادولة: المسألة الشيعيَّة وأي خيارات؟ ".
الورقة التي أعدّها د. علي خليفة صدرت باللّغتين العربيَّة والإنكليزيَّة جاء فيها: " إن الدولة الناشئة في لبنان عن ائتلاف الطوائف الدينية ليست كما في البناء الوطني القومي في المجتمعات المتجانسة. أي أنها ليست تتويجًا لمشروع شعب وأمة بل إنها، أي الدولة، سابقة لتشكل عناصر وحدة الشعب. لذلك، فمشروع الدولة في مجتمع متعدد الطوائف كلبنان، لا يضيره أن يكون في طور الإنشاء والتشكّل... ولكن متى يصبح مشروع الدولة ناجزًا؟ هنا كلّ السؤال. تقدّم العوامل الخارجية وراء إعادة تشكل المشهد الجيو-سياسي في المنطقة لحظة مفصلية لإنجاز مشروع الدولة في لبنان . هزيمة مشروع الممانعة في المنطقة وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا يحفّزان العودة إلى الشرعية الدستورية، أساس قيام مشروع الدولة في لبنان".
واستطرد الكاتب: " الهوية معطى مركّب ثقافي واجتماعي وسياسي وفردي، ودينامي متغيّر. لا يجوز اقتصار الهوية على بعد أحادي، فتصبح الهوية إقصائية نتيجة عدم توافر عناصر الالتقاء بحدّها الأقصى، وقد وصفها أمين معلوف بالهويات القاتلة. يندرج في إطارها الهويات الدينية والقومية والإثنية الصرفة. في مجتمع متعدد الأديان والثقافات كلبنان، الهوية الجامعة لعناصر وحدة الشعب هي بالضرورة هوية مركبة حيث لا ثقافة نهائية ولا ثقافة طاغية، بل تثاقف مستمرّ. ولا انحياز للمنحى القومي الشوفيني، كما يعبّر عنه غيلنر القائل إن عناصر وحدة الشعب هي مجموعة من الخرافات المتوارثة عن الأسلاف وبالقدر الكافي للنفور من كل الآخرين... بل هي إرادة العيش معًا. مجرّد توافر هذه الإرادة، يعني إمكانية بروز هذه الهوية. والعيش معًا لا يعني فرض جماعة نمط عيشها على الجماعات الأخرى ولا يعني تنشئة موجهة للأفراد بغية تغييب عناصر تمايزها. على المستوى الجماعي، الهوية الثقافية هي أن تقدّم الجماعات ذاتها بتاريخها كما تراه ومخيالها بعيونها هي، لا بعيون الآخرين. حيث لا تسامح بل ولا مفاضلة، بل تنوع واختلاف دون تحويله إلى خلاف. وعلى الصعيد الفردي، الهوية كما يعبر عنها مارسيل غوشيه في كتاب الديموقراطية في الدين، هي "أن تكون ذاتك" ".
وأضاف الكاتب " يرسي حكم القانون والقاعدة الحقوقية ثقافة المساءلة والمحاسبة، أي نقيض ممارسة المافيا القائمة على الإفلات من العقاب. ويمكن أن يكون تعزيز الشفافية ممرًّا فعالاً ومباشرًا إلى حكم القانون عبر تمكين القضاء كسلطة مستقلّة واللجوء إلى بدء التحقيقات من تلقاء ذاتها (Proprio Motu) بناء على المعلومات المتوافرة عن طريق الشفافية وحق الوصول إلى المعلومات ونشرها، فيتحرّك القضاء بخصوصها كصاحب أهلية. تحرّك القضاء من تلقاء ذاته صلاحية يمكن اجتراحها في المحاكم اللبنانية على غرار المحكمة الجنائية الدولية، بموجب بموجب المادة 15 من نظام روما الأساسي وينتج عنها إمكانية الملاحقة في في الجرائم في وصفها "أفعال جرمية تثير قلق المجتمع" أو جرائم تصدم ضمير الإنسانية ووعيها الأخلاقي ومنظومة القيم المؤسّسة للمجتمع. ما يستوجب تحرّك القضاء تلقائيًا ومحاكمه صاحبة "الأهلية التي لا مناص منها لممارسة الوظائف التي أنيطت بها وبأغراضها لمنع الإفلات من العقاب ".
وختم خليفة: " للخروج من طوق تحالف المافيا والميليشيا، الحلّ الجذري هو مشروع الدولة الحديثة في لبنان، بمتمّماته وشروطه، لا تغيير النظام السياسي. فالبنية الدستورية القاعدية متوافرة ولكنها مغيّبة بواسطة شبكة التبادلات النفعية التي أقامها تحالف المافيا والميليشيا.
في هذه الحال، الفرصة مؤاتية للشروع بالإصلاح التدريجي من ضمن النظام القائم وآلياته وأطره. وفي سلّة الحلّ الجذري وإجراءاته، يأتي تعزيز دور الدولة والتعاون الدولي، ودعم الجيش اللبناني عبر تقديم الدعم المالي والعسكري لمؤسسة الجيش ليكون القوة الوحيدة المسؤولة عن الدفاع الوطني ومكافحة الفساد عبر إصلاح المؤسسات العامة واستقلالية القضاء وتحرّكه تلقائيًّا لضمان حقوق المواطنين كافة وتعزيز الثقة بالدولة. ويأتي التفاوض مع المجتمع الدولي لرفع العقوبات المرتبطة بحزب الله مقابل تسليم سلاحه للجيش اللبناني وتحقيق إصلاحات سياسية وأمنية وتحسين بيئة الاستثمار من خلال ضمان الاستقرار السياسي والأمني ويصبح لبنان في دائرة الحياد الإيجابي.
هذا الإصلاح التدريجي قد يكون بطيئًا ويواجه عراقيل سياسية، داخلية تنبع من استمرار ممانعة جيوب تحالف المافيا والميليشيا أو خارجية نتيجة تحوّل وجهة الزخم أو مصالح القوى الدولية المعنية بإعادة تشكيل المشهد الجيو-سياسي في المنطقة، ولبنان جزء منها.
قد تتصاعد الضغوط الشعبية التي يجدر استثمارها في سبيل تحصين عملية الإصلاحات التدريجية لفرض تغيير حقيقي دون الانزلاق إلى الفوضى. كل ذلك، يتطلب جهودًا مركبة تشمل الضغط الشعبي، الإصلاحات المؤسساتية، والتغيير في الثقافة السياسية. يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيتمكن اللبنانيون من فرض إصلاح تدريجي أم أن التغيير الجذري سيكون الخيار الوحيد خاصة في ضوء المشهد الإقليمي والخارجي وبروز عوامل التأثير التي ترسم مشهدًا جديدًا في المنطقة؟".
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا