وجّهت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون عبر حسابها على منصة "اكس"، "رسالة شكر الى كل الأحبة" كتبت فيها:" مع إقتراب نهاية مسيرتي المهنية في القضاء، وبعد أربعين عامًا من العمل الدؤوب الصادق في خدمة العدالة وفي الدفاع عن الحقوق والتصدي للجريمة والفساد، لا يسعني إلا أن أعبّر عن عمق شكري وامتناني لكل اوادم بلادي الذين وقفوا إلى جانبي في أحلك الظروف، من محامين واصدقاء وأناس طيبين، رفعوا الصوت عاليا دفاعا عن قاضية تجرأت على المنظومة حيث لا يجرؤ الآخرون، وقفوا بجرأة في الشارع او في وسائل الاعلام ليس فقط دفاعا عني بل أيضا دفاعا عن حقوقهم الشرعية في العيش بكرامة في كنف عدالة حقة تحمي حقوقهم وتعطي الامل لاولادهم. افتخر بالطبع بكل ما حققته في هذه السنين الطوال وخاصة في النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، لكن أفتخر أكثر بثقة الناس ومحبتهم".
وأكدت أن "وجدت أن منهجي في العمل لا يجب ان يقتصر على تسيير اعمال الملاحقة العادية إنما أيضا على التصدي لكل جريمة مهما علا شأن مرتكبها ونفوذه. هنا حصلت المواجهة الكبرى مع منظومة فاسدة كانت تسيطر على القضاء. فتعرضت لأبشع انواع الاضطهاد، لا من الخارج فقط بل وخاصة من أهل البيت ومن أهل القضاء، لا لسبب إلا لأني تجرأت على مافيا السرقة والفساد وقررت فضح ارتكاباتها، مع العلم اني لم افتح سوى الجزء اليسير من هذه الملفات، فأدركت عندها كم هي معاناة هذا الشعب مع منظومة شريرة أكلت الأخضر واليابس، واستولت على مقدرات البلاد وهجرت شبابه... صورة بشعة مخزية لم استطع السكوت عنها فقررت المواجهة".
وأضافت "إلى متى الافلات من العقاب، الى متى القبول بهذا الامر الواقع المخزي، وهل العهد الجديد سيسير بهذا النهج؟".
المهم انه رغم كل الاضطهادات استمريت، فكان إيماني أقوى من فسادهم، أقوى من مكائدهم، إيماني بأن العدالة ليست مجرد وظيفة أو قوانين نطبقها، أو مركز نتبجح به، بل قبل كل شيء رسالة ضمير ومسؤولية، رسالة تدين أعمال الظلمة وتتمسك بإعلاء الحق، رسالة لا يستحق أن يحملها إلا القاضي صاحب الضمير الحي الذي لا يتراجع ولا يساوم أمام أي ترغيب او ترهيب. للأسف الواقع القضائي حتى تاريخه ليس على هذه الصورة، لن أقول ان العدالة أصبحت عندنا نقمة، لأني لا زلت اؤمن بوجود قضاة وقاضيات ولو قلة يستطيعون إكمال المسيرة وتغيير الواقع المرير".
وقالت: "سأبدأ اليوم فصلاً جديدًا من حياتي، سافسح المجال فيه للهدوء والتأمل، للراحة بعد عقود من الجهد... لكنني لن اتقاعد، فلا تقاعد عن النضال من أجل عدالة حقة، العدالة التي ليست وظيفة تنتهي بالتقاعد، بل روحا حية نابضة في القلب والعقل".