تعمل القوى السياسية المُعادية لـ "حزب الله" بالتوازي مع هجومها المُمنهج عليه على محاولة استيعاب الحشد الجماهيري الذي سيكون حاضراً للمشاركة في مراسم تشييع الأمين العام السيّد حسن نصر الله، على اعتبار إنّ هذا الحشد من شأنه أن يُعيد رسم التوازنات الداخلية من جديد خصوصاً في ظلّ الحديث عن عدد غير مسبوق من المشاركين. وبحسب المنظمين فقد بلغ عدد الوافدين حوالي 400 الف قبل ايام وحتى ساعات الصباح من يوم أمس، وتوزّعت بحسب المنظمين على الشكل التالي: العراق 140 ألفاً، الجمهورية الاسلامية الايرانية 106 الاف، الكويت 18 ألفاً، البحرين 9 آلاف، عُمان 9 آلاف، اليمن 27 الف، ومتفرّق 80 ألفاً، ولا تزال الأعداد في تزايد حتى يوم التشييع غدا في الثالث والعشرين من شهر شباط الجاري.
تعتقد المصادر أن القوى المعادية للحزب تخشى أن يُشكّل هذا التشييع طوفاناً يعطي دفعاً سياسياً كبيراً لحزب الله الذي سيصبح قادراً على فرض شروطه وعلى التهديد بالشارع في الأشهر المقبلة، ما يجعل الحكومة اللبنانية عاجزة عن تحجيمه أو الذهاب بعيداً في عملية حصاره مالياً أو حتى سياسياً وإعلامياً.
وترى المصادر أنّ خصوم "حزب الله" يعرفون جيداً أنّ خروج "الحزب" من صدمته نتيجة تلقّيه ضربات عسكرية قاسمة واغتيال أمينه العام، سيُعيده الى موقعه الأول من جديد ليظهر بصورة القوّة الأكثر تنظيماً والتي تملك القدرة على الحشد الجماهيري في لبنان من مختلف الطوائف، لذلك سيكون من الصّعب هزيمته على المستوى العملي.
وتعتبر المصادر أن تشييع السيّد حسن نصر الله والسيّد هاشم صفيّ الدين مؤشرٌ عما ستكون عليه الإنتخابات النيابية المقبلة، لأنّ الاستحقاق النيابي 2026 سيكون فعلياً لحظة مفصلية؛ ففي حال تمكّن "الثنائي الشيعي" من حصد أكبر عدد من المقاعد النيابية بالإضافة الى المقاعد الشيعية، الامر المُتاح وفق قانون الانتخابات الحالي، فإنّ ذلك سيعني اثبات نفسه جزءاً أساسياً من الواقع السياسي لا يمكن تخطّيه أو تغيير التوازنات الداخلية حتى ولو ربطاً بالتوازنات الاقليمية.
وتشير المصادر الى أنّ "حزب الله" بدوره يترقّب يوم التشييع ليبني على الشيء مقتضاه في السياسة الداخلية وسياساته الاعلامية وغيرها من الأمور. لذلك من المُتوقّع أن ينتقل "الحزب" بعد يوم التشييع الى مرحلة جديدة من التعاطي في الشؤون الداخلية اللبنانية وحتى في الشؤون المرتبطة بالصراع مع اسرائيل والعلاقة مع دول المنطقة.