آخر الأخبار

اهمية تشييع السيد في مسار نهوض حزب الله

شارك
في مشهدٍ يُجسّد رمزيةً تاريخيةً وسياسيةً عميقة، يُعدّ تشييع "حزب الله" لقائده السيد حسن نصر الله وخليفته السيد هاشم صفي الدين في 23 شباط 2025 حدثًا مفصليًّا يتجاوز كونه مجرد وداعٍ لشخصيتين بارزتين، ليصير منصةً لإرسال رسائلَ متعددةِ الاتجاهات داخل لبنان وخارجه. فالتشييع، الذي يُتوقع أن يكون الأضخم في تاريخ البلاد، يُمثّل فرصةً للحزب لتعزيز شرعيته الشعبية بعد أشهرٍ من الغموض والترقب، خاصةً مع الإصرار على تنظيم موكبٍ حاشدٍ يضم مئات الآلاف من المشيّعين، بما في ذلك وفودٌ رسميةٌ من 79 دولة، ما يؤكد حضور الحزب كقوةٍ لا يُستهان بها في المعادلة اللبنانية رغم الخسائر التي مُني بها.

هذا الحشد الضخم، الذي قد يتجاوز حدود الطائفة، يُعيد تأكيد أن "الثنائي الشيعي" ما زال لاعبًا مركزيًّا في المشهد، حتى مع التحديات التي خلّفتها الحرب الأخيرة.

من ناحيةٍ أخرى، يُنهي التشييع عبئًا تنظيميًّا ثقيلًا شغل الحزب لأشهر، حيث استنفدت التحضيرات طاقاتٍ كبيرةً، بدءًا من تشكيل لجانٍ متخصصةٍ لإدارة الحشود والإعلام والخدمات، وصولًا إلى تنسيق حركة الوفود الدولية وتأمين مواقع الدفن. فالحزب، الذي واجه ضغوطًا لوجستيةً وأمنيةً بسبب تأجيل الحدث أكثر من مرة، يسعى الآن إلى طي الصفحة والانتقال إلى مرحلةٍ جديدةٍ تتيح له تركيز جهوده على القرارات الاستراتيجية بعيدًا عن إرثٍ تنظيميٍ معقّد.

هذا التحوّل قد يُفسح المجال لسياساتٍ أكثر مرونةً في التعامل مع التحديات الداخلية والخارجية.

أما الغطاء الرسمي الذي يحظى به الحزب، فيتجلى في مشاركة شخصياتٍ حكوميةٍ لبنانيةٍ وعربيةٍ ودوليةٍ، منها الرؤساء الثلاثة (عبر ممثلين او بشكل شخصي) والوزراء والنواب، إضافةً إلى سفراء دولٍ مثل إيران والعراق واليمن. هذه المشاركة، وإن كانت رمزيةً، تُضفي شرعيةً على دور الحزب كفاعلٍ سياسيٍ لا يمكن تجاوزه، حتى من قبل خصومه المحليين.

كما أن استقبال الوفود الأجنبية في مضائفَ مخصصةٍ — على غرار مراسم أربعينية الحسين في العراق — يُعزّز البُعدَ الإقليميَّ للحزب، ويُظهره كجزءٍ من محورٍ مقاومةٍ يتجاوز الحدود .

وأخيرًا، يأتي التشييع لترسيخ سردية "عدم الهزيمة"، خاصةً بعد تحرير قرى الجنوب وإفشال المشروع الإسرائيلي — بحسب الرواية التي يروّجها الحزب. فاختيار طريق المطار القديم لدفن السيد، يُرسّخ صورةَ القائد الذي حافظ على وجوده رغم التحديات. كما أن خطاب الأمين العام نعيم قاسم، الذي سيُلقي كلمةً تحت شعار "إنّا على العهد"، يُذكّر بمسيرة "الصمود الأسطوري" التي يتبناها الحزب، ويربط بين التشييع واستمرارية المشروع المقاوم. هكذا، يصبح الحدثُ تأكيدًا على أن الحزب، رغم الضربات الموجعة، قادرٌ على تحويل الفقد إلى دافعٍ للاستمرار، وفرصةً لـ"صناعة تاريخ جديد".

لا ينفصل التشييع عن سياقه الجيوسياسي؛ فهو محطةٌ لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق، لكنه أيضًا إعلانٌ صريحٌ بأن الحزب، وإن تغيّرت قيادته، ما زال ممسكًا بخيوط اللعبة، محتفظًا بقدرته على الحشد والتأثير، ومصرًّا على أن يساهم في كتابة تاريخ المنطقة.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا