تستمر التوترات في الساحة السياسية اللبنانية بين "الثنائي الشيعي" من جهة وبين حكومة الرئيس نواف سلام من جهة اخرى، وهذا التوتر أدّى في الأسابيع الفائتة إلى حالة شبه فوضى امنية وميدانية من خلال قطع الطرقات والاشتباكات بين القوى المسلحة اللبنانية وجمهور "الثنائي" الذي لا يزال غير مستوعب حتى اللحظة لكل التطورات التي حصلت وان كان قد بدأ يعد العدة للمرحلة المقبلة.
وترى مصادر امنية بأنّ الاشتباكات السياسية التي تفرض نفسها على بيئة "حزب الله" قد لا تكون سيئة بالمعنى السياسي او الاعلامي للكلمة، لكن في الوقت نفسه هناك نوع من موجة دعائية تأخذ البيئات الحاضنة الى حيث تريد اقله من خلال ما شاهدناه في الايام الماضية.
لكن السؤال الذي يطرح اليوم بشدّة هو كيف يمكن قطع شوط كبير في تأسيس نوع من التفاهمات بين "الثنائي" ورئيس الحكومة نواف سلام، خصوصاً ان هناك رغبة سعودية واضحة بالوصول الى تفاهم سياسي حول الساحة اللبنانية من دون كسر "حزب الله" بشكل كامل وهذا ما قد سُرب عن بعض المقربين من المملكة في اكثر من اجتماع.
النتائج الأساسية ستكون مرتبطة بالتطورات الآنية، لكنّ المحسوم هو ان سرعة تطوير الأداء السياسي ل "الثنائي" في هذه المرحلة قد يلعب دوراً أساسياً في ضبط اي انفعال فعلي من قبله والذي قد يؤدي إلى إرباك شامل في ميزان القوى، سيما وأنّ احداً من حلفاء "الحزب" لم يعد معه وانه هو نفسه يستمر في نهجه وسياسته التي يتحاشى من خلالها اي توتر داخلي.
وعليه فإن نواف سلام سيلعب هذا الدور في المرحلة المقبلة ان استطاع ذلك في ظل الضغوط من حوله من قبل بعض المقربين الذين يرفضون حتى الحوار مع "حزب الله"، لكن انعدام حصول تفاهم من شأنه أن يفجر الساحة اللبنانية وهو امر لا يريده سلام نفسه ولا حتى رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي يبدو مُصرّاً على تثبيت قاعدة سياسية واعلامية له متجنّباً أي مغامرة تؤدي الى تفجير الواقع السياسي في ظل عهده، وهذا النهج سينطبق على كل التطورات في المرحلة المقبلة.