تُعتبر منطقة عكار والشمال من أكثر المناطق حرمانًا وتهميشًا في لبنان. لا تقتصر معاناتها على مجال واحد، بل تشمل كل القطاعات. تعاني المنطقة من بنية تحتية مهترئة، وتواجه تحديات كبيرة في قطاعات التعليم، الاستشفاء، الزراعة، السياحة، وغيرها من المجالات الحيوية.
رغم التمثيل النيابي الّذي تحظى به عكار، فإنها تظل دائمًا في أسفل قائمة الأولويات على مختلف الأصعدة، حيث تغيب عنها المشاريع الإنمائية بشكل كامل. يحتجّ أهل المنطقة باستمرار على هذا الإهمال، ويتساءلون لماذا تظل عكار دائمًا أقل من غيرها، وكأنها غير موجودة على الخريطة اللبنانية. أحدث مظاهر هذا الإقصاء كان في عدم تعيين أي وزير من الشمال وعكار خلال تشكيل الحكومة، مما أثار غضب وامتعاض نواب المنطقة كافة، وتحديدًا كتلة الاعتدال التي رفعت الصوت. وفي هذا الإطار، أوضح رئيس الحكومة نواف سلام، أنّ عدم تمثيل كتلة الاعتدال سببه "إشكال حول التمثيل المناطقي الذي طالبوا به و طرحت عليهم أسماء ذات كفاية أعلى من تلك التي عرضوها عليّ". فكيف تنظر كتلة الاعتدال إلى هذه العملية؟ وهل ستمنح الكتلة ثقتها الحكومة؟
التهميش الحكومي: غياب تمثيل عكار
عضو كتلة "الاعتدال الوطني" النائب أحمد رستم يقول لـ "لبنان 24"، أنّ "ما قاله رئيس الحكومة نواف سلام غير دقيق، فهو لم يحدد أي وزارة لعكار. وعند زيارتنا له، لم نتلقَّ أي أسماء أو معلومات حول هذا الموضوع. عكار ومنطقة الشمال تملك كل الكفاءات العلمية في مختلف المجالات"، مشيرًا إلى أن "ما يتم تداوله من مبررات لعدم تخصيص وزارة لها ليس مقبولًا".
وتابع: "فمثلاً، في حال كان يريد إعطائنا وزارة الصحة، عكار تضم مئات الأطباء الكفوئين القادرين على تولي هذا المنصب. كما أن المنطقة تمتلك مهندسين زراعيين أكفاء، مما يتيح لها الحصول على وزارة الزراعة مثلًا."
أضاف: "للأسف، دائمًا ما يُنظر إلى عكار على أنها طبقة رابعة أو خامسة، وهناك دائمًا نظرة دونية للمحافظة، وهذا ما يحزننا. كنا في غاية الفرح عند مجيء العهد الجديد، وتمنينا له النجاح، وعندما تم تكليف نواف سلام كرئيس حكومة، كنا من أول الأشخاص الذين زاروه وتحدثنا معه عن أهمية التعاون في المرحلة المقبلة، وأكدنا له أننا نقف إلى جانبه يدًا بيد، وأن كتلتنا ستدعم حكومته. كما طلبنا منه أن يضع عكار على الخارطة الإنمائية، سواء من خلال تطوير مطار القليعات أو تحسين المرافق العامة في المنطقة، بالإضافة إلى تمثيل المحافظة في الحكومة ولو بوزير واحد".
وأوضح رستم أنّه "عندما رأينا الإجماع الوطني يستدعي تسمية سلام رئيسًا للحكومة، ذهبنا وقدمنا التسمية، ولم نفرض عليه أي شروط. وقلنا له بوضوح: لديك الحق الكامل في اختيار من تراه مناسبًا، ونحن لا نمانع في أي اختيار تراه. لم نكن نسعى لتوزير "خيّنا"، كل ما يهمنا هو أن يصل الشخص المناسب إلى المكان المناسب، فهو يختار الوزارة التي يرغب في منحنا إياها أو يطلب منا سير ذاتية (CV) للمرشحين، ونحن بالتأكيد لن نرفض أي شخص سيختاره، فالأهم بالنسبة لنا هو أن يكون لعكار تمثيل سياسي في الحكومة عبر وزير".لا ثقة من "كتلة الاعتدال" لحكومة سلامأما في ما يتعلق بقرار منح الثقة للحكومة، فقد أكد رستم أن "التكتل سيجتمع لمناقشة هذا الموضوع، والخيار الأقوى هو أننا لن نمنح الثقة للحكومة"، معتبرًا أن "عكار لا تستحق أن يتم التعامل معها بهذه الطريقة. فهي تضم أكبر سهل زراعي في لبنان، وهي خزان للمؤسسات الأمنية والجيش ، وتتميز بوجود الكثير من المثقفين والمتعلمين والطاقات الشبابية".
وردًا على سؤال عن التحركات المرتقبة للاعتدال، أضاف: "لن نقوم بأي تحركات أكثر من ذلك، ولن نلجأ إلى تصرفات لا تشبهنا، سواء كانت تحركات في الشارع أو غيرها. "
وطالب رستم رئيس الحكومة بأن "يُعطي الوزراء الجدد توصيات للاهتمام بالمنطقة لإنصاف أبناء عكار الذين عاشوا في الحرمان لفترة طويلة".